والمسلمين ، وكأن عمر أكثر حرصاً منه «سلام الله عليه» على الدين ، وان النبي محمد صلىاللهعليهوآله لم يحسب أي حساب عندما يتخذ تلك المواقف ، وكأنه لم يكن مُسَدّداً بالوحي والسماء ، وان نبوءاته تذهب أدراج الرياح والعياذ بالله.
على ان مواقف عمر المخالفة للاوامر النبوية ، والمعارضة للرسول ، لم تنحصر في قضية صلح الحديبية ، وانما استعت لتطال العديد من القضايا والحوادث الحساسة في حياة النبي الاكرم صلىاللهعليهوآله أثناء تبليغه للشريعة الاسلامية في شتى المنعطفات والمواقف التأريخية ، فذات يوم ، قسّم رسول الله أحد القسمات ، فلم يرض عمر بها ، وقال للرسول : بأنه غير هؤلاء أحق بها ، ومنهم أهل الصُفّة ، فامتعض الرسول وقال : بأنهم ـ أي عمر وجماعة غيره ـ يسألونه بالفحش (١) ، أي ان «سلام الله عليه» غير عادل في قسمته.
وسأل عمر ـ مرّة ـ النبي عن أشياء وأمور يكرهها ، فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى رأى عمر ما في وجهه من الغضب (٢) واعترض عمر ـ ذات يوم ـ على رسول الله في تحدّثه مع الاموات ، مدّعياً بأنهم قوم قد جيفوا!! إذ كيف يكلّم صلىاللهعليهوآله أجساداً لا أرواح فيها؟ فأجابه الرسول : والذي نفسي بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول فيها منهم (٣).
وذات يوم ، بعث الرسول «أبا هريرة» للتبشير بأن من يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه يدخل الجنة ، وعندما لقي عمر «أبا هريرة» ، واستفسر منه عن القضية ، ضربه بعنف وشدّة وأبكاه ، مدّعياً الخوف من إتكال الناس عليها ، وان على الرسول أن يدع
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١١٥ ؛ الاستيعاب ٤ : ١٧١٦.
(٢) مسند احمد ١ : ٢٦ ؛ فتح الباري ٣ : ١٨٥ ؛ الفجر الصادق : ٦٩ ، ط مصر ، عام ١٣٢٣.
(٣) صحيح مسلم ١ : ٤٥.