الإجابة من واجب العلماء والفقهاء يلمون بالتشريع الاسلامي؟ ولماذا قال تعالى إذن في كتابه الكريم : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (١)؟ .. أليس من حق أفراد المجتمع المسلم ، الإجابة عن أسئلتهم وإشكالاته أم تظل معلّقة في أذهانهم دون جواب؟ مع ان الشريعة الاسلامية كانت متكاملة ، ولم يفرّد الله في الكتاب من شيء؟ ولِمَ يترك الامام مالك الشرع الذي جاء على محمد صلىاللهعليهوآله ليجادل الناس في أمور تدور في الفلك الشرعي حتماً ، وجوابها تتضمنه القواعد الشرعية من كتاب وأحاديث نبوية هائلة؟ ثم كيف يقارن مالك بن أنس بينه وبين النبي صلىاللهعليهوآله في موضوع الاجابة عن إشكالات وأسئلة المستفسرين ، فالرسول نبي مصطفى من قبل الله تعالى ، يتلقّى الشرع من الوحي مباشرة طيلة فترة نبوته حتى يكتمل الدين وتنتهي مهمة الوحي ، أما علماء المسلمين ، فمهمتهم تبليغ الدين الذي اكتمل برحيل النبي وانتهاء مهمة الوحي ، وأجوبة الاشكالات الفقهية والعقائدية انما متوافرة في القرآن والسُنّة ، ولا ندري ما الربط بين الاثنين إلا التهرب أو العجز عن الاجابة على استفسارات الناس؟
ثم لو كان الاعتماد على الرأي والقياس والاستحسان والقواعد الأخرى الموضوعة من قبل أصحاب المذاهب الفقهية ، يُعتبر جرأة عظيمة ، فلِمَ اذن وضعوا تلك القواعد وأفتوا الناس عبرها سواء كان مالك نفسه أو الفقهاء الذين سبقوه كأبي حنيفة والحسن البصري وسعيد بن المسيب وغيره؟ اذا كانت هذه القواعد نفسها مشكوكاً في صحتها ، ولا تؤدي الى تعيين الحكم الالهي في المسألة ، وانما هي مجرّد ظنون واحتمالات وشكوك لا ينبغي الاستدلال بها؟
__________________
(١) النحل ٤٣.