فإذا كان هذا حال الصحابة ، فكيف يعتمد على روايتهم للحديث النبوي وتُصدّق مروياتهم دون تمحيص وتحقيق كامل؟ وكيف يمكن قبول المراسيل ، دون معرفة الصحابة المنقولة عنهم تلك الروايات المنقطعة؟ إنها تساؤلات وجيهة!!
من فتاوى الشافعية
أبو سهيل الأبيوردي ، من علماء الشافعية ، ويُوصَف بأنه أحد أئمة الدنيا علماً وعملاً ، ومن أئمة الفقهاء ومع هذه الألقاب الرنانة ، فهو قد أفتى بأن الحدّ لا يلزم من يلوط بمملوك له ، بخلاف مملوك الغير ، وبدلاً من توجيه النقد لأمثاله ، وتخطئة مثل هذه الفتاوى والأحكام المخالفة بوضوح لحكم الله تعالى ، نرى علماء كباراً يسعون لتبرير مثل تلك الفتاوى والاحكام بذرائع واهية ، كقول القاضي حسين بأنه ربما قاس الايبوردي ، هذا الأمر على وطء أمته المجوسية أو أخته من الرضاع ، وعلله صاحب البحر بأنه ملكه فيه يصير شبهة في سقوط الحد ، والذي جزم به الرافعي تبعاً لأكثر الأصحاب ، أنه لا فرق بين مملوكه وغيره ، نعم في اللواط من أصله قول ان موجبه التعزير ، انه مخرج من القول بنظيره في إتيان البهيمة (١).
على ان ابن عقيل يرى بأن الوطء إن كان في الدبر في حق أجنبية ، وجب الحدّ الذي أوجبه في اللواط ، وعلى هذا فحدّه القتل بكل حال ، وان كان في مملوكه ـ أي عبده ـ فذهب بعضهم انه يعتق عليه.
إنها تبريرات ساذجة تتصادم والحكم الشرعي الصحيح والواضع جداً في هذ القضية ، وهي ان الحدّ يلزم المالك لكون العملية ، إغتصاباً وفعل إنسان بإنسان ، وليس
__________________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ـ السبكي ٤ : ٤٥.