أحد أئمة الفقه من أصحاب المذاهب ، خطّ لنفسه مذهباً كان له فيه أتباع ، وقد عدّه مثل الامام الاوزاعي والثوري والليث بن سعد من أصحاب المذاهب المندثرة.
أما ابن حزم ، فقد أورثوا قلوب أهل زمانه ، الحقد عليه وبغّضوا الملوك فيه ، فأُحرفت كتبه وطُرد عن بلاده الى البادية حتى كانت وفاته.
وكان ابن حزم حافظاً عالماً بعلوم الحديث وفقهه ، مستنبطاً للأحكام من الكتاب والسُنّة ، وكان مخالفاً لعلماء عصره في الرأي ، وأنه يخالف في حجّية بعض الأدلة.
وهناك علماء كبار تنقّلوا بين المذاهب الاربعة بحثاً عن المواقع السياسية ، كإبن هشام الأنصاري (ت ٧٦١ هـ) المعروف بقوة ملكته وسعة إطلاعه ، فقد حرص على أن ينال نصيباً كبيراً من الدنيا ، وكان في أول أمره على المذهب الحنفي ، ثم تفقه بالمذهب الشافعي ، ولما لم يستطع أن يحتل منصباً سياسياً في مدارس الشافعية ، انتقل الى المذهب الحنبلي ، فجعله الحنابلة في منصب للتدريس في مدارسهم.
ومع ان هذه المذاهب المندثرة وأمثالها كانت لأئمة مجتهدين ، لهم ما لغيرهم من أصحاب المذاهب من قوّة الرأي وعلو القيمة في الاجتهاد والاستنباط ، غير أنهم لم يحالفهم الحظ أن ينبري لهم أتباع يتملّقون للسلطان ، ويتعاونون معه ، ويتبوأون المناصب الحساسة والكبرى ، أو يتصدّون للقضاء ، فضلاً عن الذين كانوا ينفرون من السلطات الحاكمة ولا يحبّذون التعامل معها .. وهكذا لم تمض سوى قرون على بداية نشوء وانتشار المذاهب ، وجد حكّام ذلك العهد ، ان المذاهب الأربعة المعروفة ، أكثر من بقية المذاهب الأخرى ، لها أتباع ونفوذ في البلاط الحاكم ، فاثبتوها وألغوا المذاهب الأخرى ، وأنهوا وجودها بالكامل.