وأكثر ما يظهر في عالم المعاملات والاقتصاد ، وهكذا فان معظم الشريعة ، صادرة عن الاجتهاد ، ولا تفي النصوص بعشر معشارها (١).
وعلى العموم فإن أهل السُنّة ، جعلوا من الاختلاف علْماً ، صنّفوا فيه المصنفات ، والكل ـ على حد زعمهم ـ يستقي من أدب النبوة (٢).
هذا هو ـ باختصار ـ تبرير الجمهور المسلم للاختلاف الذي وقع بعد رحيل الرسول إلى بارئه الاعلى ، ونشوء المدارس والمذاهب الفقهية في التأريخ الاسلامي ، خصوصاً في القرون الثلاثة الأولى.
ونحن كالمعتاد ، قرّرنا التوغل في موضوع الاختلاف بين المسلمين ، لنتقصّى الحقيقة حول هذا الموضوع الخطير ، وهل ان النظرية السُنّية صادقة في الإدعاء بأن الاختلاف إنما حدث في الأمّة بموجب الأمر الالهي ، أو انه حدثٌ غير مشروع وليس للدين أية صلة فيه؟.
وما توصّلنا إليه من استنتاجات ، كانت كما يلي :
ليس هناك أي دليل من القرآن أو السُنّة النبوية يثبت مشروعية الاختلاف ، أيا كان نوع هذا الاختلاف ، سواء كان اختلافاً فقهياً في الفروع ، أو في العقائد والأصول ، بل على العكس ، فإن القرآن الكريم طالما ندّد بالاختلاف والفرقة والشقاق باعتبارها أموراً سلبية تؤثر على تماسك الأمّة الاسلامية كما سنرى.
ان الاختلاف والخصومات التي حدثت بين المدارس الفقهية ، بل وبين الفقهاء أو أصحاب المذاهب أنفسهم ، حتى في بداية نشوء تلك المدارس والمذاهب ، لم تكن
__________________
(١) فقه الثوابت والمتغيرات ـ د. علي محي الدين القرداغي ـ مجلة الشريعة الأردنية ـ العدد ٤٩٠.
(٢) أدب الاختلاف ـ ١٢٦.