أما في عهد المماليك ، فكانت هناك خلافات مذهبية ، حيث ان المالكية كان لهم في جامع دمشق ، محراب خاص بهم ، وكان نفر من رجال الدين يجسّمون هذه الخلافات بضروب من الأوهام ، وان أتباع المذاهب السُنّية أنفسهم كانوا لا يصلّي بعضهم خلف بعض (١).
ـ وفي عهد المماليك البرجية ، كان النزاع بين اتباع المذاهب الاسلامية موجوداً ، وخاصة بين الحنابلة والأشعرية والشافعية خاصة ، مما كان مألوفاً منذ قرون (٢).
ـ ولتلافي هذه الاختلافات الشديدة بين المذاهب الاسلامية ، اتخذ الموحّدون اسمهم من الرغبة في (التوحيد) بالاقتصار في أمور الدين على ما جاء في القرآن الكريم والحديث الشريف ، فهم سلفيون لا ينتمون الى مذهب من المذاهب التي كانت قد نشأت من قبل ، وقد نهى يعقوب المنصور (٥٨٠ ـ ٥٩٥ هـ) عن الإفتاء إلا بالكتاب والسُنّة دون القواعد والأصول الفقهية الأخرى ، واباح الاجتهاد لمن اجتمعت فيه شروط الاجتهاد ، كما نهى عن التقليد وعن الأخذ بالامور الخلافية (٣).
وفي أيام المنصور الموحّدي ، تُركت دراسة فروع الفقه (لما كان فيها من الآراء المختلفة في مفردات العبادات وأوجه المعاملات) وتقدّم المنصور الى الناس في ترك الاشتغال بعلم الرأي والخوض في شيء منه ، وتوعّد على ذلك بالعقوبة الشديدة.
ولما دخل الحافظ أبو بكر بن الجد على أبي يعقوب (موحّدي) ، وجد بين يديه
__________________
(١) تأريخ الادب العربي ٣ / ٦٠٩.
(٢) تأريخ الادب العربي ٣ / ٨٨٣.
(٣) تأريخ الادب العربي ٥ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣.