كتاب ابن يونس ، فقال له : انا أنظر في هذه الآراء المتشعبة التي أُحدثت في دين الله .. المسألة فيها أربعة أقوال أو خمسة أقوال أو أكثر من هذا؟ فأي هذه الأقوال هو الحق؟ وأيهما يجب أن يأخذ به المقلّد؟ (١).
هكذا إنتهت الحال بالمسلمين من جراء الاختلافات بين المجتهدين والفقهاء ، ولو اقتصرت الأمور في الفروع والفقه لهان المصاب ، وانما كانت الاختلافات تدور في الكثير من الأحوال في العقائد والأصول ، حتى ان الامام مهدي ، أوصى الناس بقراءة كتب الغزالي ، فصارت قراءتها شرعاً وديناً بعد ان كانت كفراً وزندقة (٢).
إلى هنا نصل الى النتائج التالية :
ـ لم يكن القرآن الكريم قد أشار الى مشروعية الاختلاف أبداً ، وانما وصف الاختلاف كحالة واقعة ، ثم بيّن مساوئ الاختلاف ، وان الحل يكمن في ردّ الاختلاف الى الله ورسوله حتى يضمحل ويتلاشى.
ـ لم يكن الله قد حكم بحكمته أن يكون هناك اختلاف مقبول أن سائغ أو مُعتبر أو حالة مشروعة ، وانما الاتلاف حَدثَ بسبب تعدّد وجهات النظر ازاء الحديث النبوي والقواعد الاصولية والفقهية المختلفة ، وكذلك لعوامل نابعة من ذات الانسان ، كالكذب والتحريف والتصحيف وإلى يغر ذلك.
ـ لم يكن الاختلاف قد حَدثَ في الفروع والفقه فقط ، وإنما امتد ليُطال الاصول والعقائد والامور الكلامية.
ـ ما يُسمى بأدب الاختلاف وأخلاقيته ، لم يكن إلا تبريراً يفتقر الى المصداقية ، إذ
__________________
(١) تأريخ الادب العربي ٥ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨.
(٢) تأريخ الأدب العربي ٥ / ٣٦٩.