سُنّة خلفائه بسُنّته ، وأمر باتّباعها كما أمر باتباع سُنّته ، وهذا يتناول ما أفتوا به وسنّوه للأمّة ، وإن لم يتقدم من نبيهم فيه شيء ، وإلا كان ذلك سُنّته. فيما قال الغزالي : إن الامام بالحق بعد رسول الله هو أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي (١).
ثم قال : «إعلم ان الخلافة بعد رسول الله تولّاها الخلفاء الراشدون المهديون ، وكانوا أئمة علماء بالله تعالى ، فقهاء في أحكامه ، وكانوا مشتغلين في الأقضية ، فكانوا لا يستعينون بالفقهاء إلا نادراً في وقائع لا يُستغنى فيها عن المشاورة» (٢).
ففقهاء أهل السُنّة والجماعة يعدّون سيرة الشيخين الصديق والفاروق أصلاً تعادل سنن الشارع في إثبات الأحكام الشرعية في حياة الأمّة وإدارة الدولة وان الخلافة الراشدة معصومة عصمة الرسالة (٣).
اما موقف أهل السُنّة والجماعة من الحكومات غير الراشدة فقد أوصى رسول الله المسلمين بعدم سب الولاة ، فإنهم إن أحسنوا كان لهم الأجر وعلى المسلمين الشكر ، وإن أساؤا فعليهم الوزر وعلى الرعية الصبر ، وانما هم نقمة ينتقم الله بها مما يشاء ، فلا يستقبلوا نقمة الله بالحمية والغضب وانما يستقبلوها بالاستكانة والتضرّع (٤).
ويقول الغزالي في هذا الشأن : «ان أموال السلاطين في عصرنا حرام كلها أو أكثرها ... فانهم يجاوزون حدود الشرع في المأخوذ والمأخوذ منه».
فيما يقول عبادة بن الصامت : «دعانا رسول الله فبايعنا ، فقال فيما أخذ علينا أن
__________________
(١) إحياء علوم الدين ـ الغزالي ٢ : ٢٠١.
(٢) إحياء علوم الدين ـ الغزالي ١ : ٧٠.
(٣) كتاب نظرية الامام : ٦١.
(٤) انظر : كتاب الخراج لابي يوسف القاضي : ١٠.