ثلاث مرات ، ولما لم يجرأ أحد من بني هاشم على قبول شروطه صلىاللهعليهوآله ، والتي كانت بمثابة إلقاء حجة على القوم ، لاثبات عجزهم عن هذه المهمة الخطيرة والمقدسة التي طرحها النبي ، فأعلن ما يُسرّه من أمره في عليّ حيث ثبّته كأخ له ووزير ووصي وخليفة دون بني هاشم أجمعين (١).
والحديث النبوي حول الإنذار ، واضح جداً ، وليس بحاجة إلى تفسير أو شرح أو توضيح ، ولذلك حاول بعض علماء الجمهور ـ جاهدين ـ تجاهل قضية الإنذار برمّتها ، خوفاً من وقوف الجمهور السُنّي على حقيقة ما حدث في تلك الواقعة التي جرت في العهد المكي ، لأن تناسي هذه الواقعة أفضل من إبرازها ، وخلق الأعذار الواهية أو تأويلها بغير ما تشير إليه من معنى.
وآخر استبدل هذه العبارة ، بعبارة «وكذا وكذا» ، فخفي على أغلب جمهور المسلمين المخدوعين ، تلك العبارة وما تعنيه من دلالة على الخلافة بلا أي مواربة.
والواقعة ... حدثت في العهد المكي ، أي حدثت مبكراً ، وأراد رسول الله فيها ، تثبيت عليّ خليفة له بلا منازع ، حتى لا يطمع رجل أو صحابي ـ بعدها ـ بهذا الموقع الخطير ، ولكي لا يزعم أحد بأن النبي صلىاللهعليهوآله لم يفكّر في الاستخلاف ويمهد له.
وشفع الرسول صلىاللهعليهوآله ، هذا التأكيد منه بأحاديث كثيرة جداً في حق عليّ ، وتعيين الله له بالخلافة والإمامة من بعده ، سواء بالتلميح تارة ، أو بالتصريح تارة أخرى.
وفي العهد المكي ، عاش النبي وصحابته ، محنة كبرى ، بسبب الضغوط القرشية ، إلى درجة أن هاجر الجميع إلى الحبشة للخلاص من القمع والإضطهاد ، ولذلك لم يكن هنام مفرٌّ من الهجرة إلى المدينة التي أسلم اكثرها ، خاصة بعد مبايعة وفود من زعمائها
__________________
(١) الشعراء ٢١٤.