للنبي صلىاللهعليهوآله. فهاجر على أثرها إلى يثرب واستقبله أهلها أفضل إستقبال.
واستقرّ الرسول وصحابته المهاجرون معه في المدينة لتصبح عاصمة لدولته الفتية ، واحتضنه أهلها من الأوس والخزرج الذين أسماهم القرآن الكريم بالأنصار ، فيما أسمى الوافدين معه من مكة ، بالمهاجرين.
ومن الطبيعي أن يمدح القرآن ، الأنصار لأنهم آووا الرسول ونصروه في موقع الشدّة ، بعكس ما فعل أهل الطائف بالرسول عندما لجأ إليهم من استهزاء وضرب وتنكيل. وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ... (الانفال ٧٢).
كما أن كتاب الله مدح المهاجرين والأنصار بصورة عامة واجمالية ، وليس بصورة استغراقية تفصيلية كما هو معتاد في اللغة العربية.
والقرآن الكريم حين أثنى على المهاجرين والأنصار ، فلأنهم آزروا الرسول ونصروه دون المشركين والكفار الذين آذوه وكانوا يحاربونه بشتى الوسائل ، وخاصة الانصار الذين فتحوا أبوابهم وبيوتهم لاستقبال النبي والمهاجرين ، ولم يجدوا في نفوسهم حاجة أو غضاضة : حِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١).
كان هذا الموقف القرآني قبل أن يُمتحن المهاجرون والأنصار من خلال الفتن والشدائد والبلايا ، حيث تبيّن الصابرون والثابتون والمرابطون من المتقهقرين والمتخلّفين ، واتضح أهل الطاعة لله ولرسوله من العصاة والمتمردين على أوامره
__________________
(١) الحشر ٩.