الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (١) (٢).
ولكن عند بحث هذه المسألة بدقة ، وجدنا أنها تأخذ أبعاداً لم نكن نتصوّرها من قبل ، فالرسول صلىاللهعليهوآله أكّد مِراراً قضية ولاية عليّ ، وانها امتداد لولايته وولاية الله ... وكانت آخر وصية لرسول الله في هذا الصدد ، عندما قفّل راجعاً من الحجاج الكرام من مكة المكرمة في «حجة الوداع» وهي آخر حجة له في حياته ، وبالرغم من تنكّر الكثير من أبناء الجمهور لها ، كانت حقيقة واقعة لا يمكن إنكارها ، لأنها ثابتة تأريخياً ، وبالمصادر الوثيقة ، إذ رواها العشرات من الصحابة ، وفي مصادر روائية كثيرة ، مما دعانا إلى التحري عن هذه الحادثة والتأكّد من صحتها وواقعيتها ، لأن الكثير من العلماء والمحققين تنكروا لها واعتبروها بمثابة اسطورة لا وجود لها.
وبعد البحث والتنقيب والتحرّي الدقيق ، توصّلنا إلى أنها حقيقة لا تقبل الشك ، فرسول الله الذي كان عائداً مع جموع الصحابة وقوافل الحجيج من مكة المكرمة ، توقّفوا في منطقة ، تُدعى (غدير خم) وهي واحة فيها أشجار ومفترق طرق لقوافل الحجيج التي تتفرّق من هناك باتجاه مناطقها وبلدانها.
تُرى لِمَ توقّف الرسول صلىاللهعليهوآله ، وأوعز إلى الحجيج بالتوقف في تلك المنطقة؟ لابد أن أمراً خطيراً قد دعاه إلى هذه المبادرة؟ ولم يكتف الرسول صلىاللهعليهوآله بذلك بل أمر الجميع في ذلك الجو اللاهف ، واليوم القائض الشديد الحرارة ، أن يستعدوا للصلاة ، وبعد
__________________
(١) المائدة ٥٥.
(٢) انظر : شواهد التنزيل ـ الحاكم الحسكاني ١ : ٢١٧ ؛ انظر : تفسير البحر المحيط ـ أبي حيان الاندلسي ٣ : ٥٢٥.