لما يا تُرى رفض أهل البيت ، البيعة لأبي بكر؟ وهم الذين كانوا ملازمين للنبي صلىاللهعليهوآله ليلاً ونهاراً ، يتعايشون مع همومه وتعاليمه وأوامره ونواهيه ، بل ومن أكثر المسلمين صحبة له بالمفهوم اللغوي والاصطلاحي للصحبة. ونحن هنا نعني بأهل البيت ، علي وفاطمة والحسن والحسين ، وإن كان الأخيران صغيرين إلا انهما كانا واعيين لمجريات الأمور.
فاذا كان الرسول صلىاللهعليهوآله قد مات ولم يعيّن أحداً خليفة له ، فلتحرّك علي وفاطمة ، واستنكرا بيعة أبي بكر ، ومعهما بنو هاشم وثلّة من الصحابة؟
ان هذا التحرّك والاستنكار ، يعكس موقفاً موحّداً يدل على ان رسول الله كان قد اتخذ قراراً بشأن من سيخلفه وقد عرفه جميع المسلمين ، إلا ان التهاون من قِبَل المهاجرين والأنصار ، والموقف الرافض لخلافة علي للرسول مِن قِبل زعامات قريش ، ومن يعاضدها من المهاجرين ، فضلاً عن الذين استهوتهم الدنيا واندفعوا لعصيان الرسول في موضوع خلافته ، ومنّتهم أنفسهم لتسنّم سدّة الخلافة والحكم بالرغم من ان رسول الله بيّنه في مواقف سابقة له ، وختم ذلك في واقعة الغدير الشهيرة ، وما رافقها من نزول آيات محكمات ، تدلّ بما لا يدع مجالاً للشك بأنها نزلت في مسألة خلافة الرسول صلىاللهعليهوآله والمعني بالطبع عليّ لا غيره.
٣ ـ بعد أن استحوذ أبو بكر على منبر الرسول ، وبايعه أكثر المهاجرين والأنصار ، طوعاً أو كرهاً ، بقي في بيت علي وفاطمة ، جمع من الصحابة وبني هاشم ، وقد اعتصموا مع عليّ في البيت ، وأبوا البيعة لأبي بكر ، لأنه ليس الخليفة المُعيّن من قبل رسول الله ، أي ليس الخليفة الشرعي الذي يمتلك مقوّمات الحكم ، من عِلم وقوة وشجاعة وحِنكة وحكمة ، كما أكد ذلك صلىاللهعليهوآله في الكثير من المناسبات في حق عليّ بن أبي طالب.