بمراسم تغسيله ودفنه صلىاللهعليهوآله ، ولم يكن يتوقع أن يقفز المسلمون ـ مهاجرين وأنصاراً ـ على أوامر الرسول ووصاياه التي أدلى بها طيلة البعثة المظفَّرة ، وخاصة بعد حجّة الوداع في غدير خم بمحضر عشرات الآلاف من الصحابة وغيرهم.
وحين واجه عليّ ، الانصار وجهاً لوجه ، وعيّرهم بخذلانهم له وهو المُعيّن من قِبل الرسول صلىاللهعليهوآله ، قالوا إنهم قد بايعوا أبا بكر ، ولو أتى قبل ذلك ، لم يكونوا قد قدّموا عليه أحداً ، وكان جوابه : أيدع رسول الله لم يُدفن بعد ، ويذهب ليطالب بحقه؟.
ولم يكن علي ولا فاطمة بنت رسول الله ، كاذبَين حين انطلقا إلى أحياء الأنصار لسؤالهم النصرة له ، وهو الذي قال عنه الرسول صلىاللهعليهوآله إنه مع الحق والحق معه حيث دار ، ولا فاطمة التي قال عنها أبوها صلىاللهعليهوآله بأنها بضعة منه ، يؤذيه ما يؤذيها ، ويرضى الله لرضاها ، ويسخط لسخطها (١).
كيف بادرا إلى طلب النصرة من الأنصار إذا لم يكونا على حق بيّن ، وان علياً كان مُعيّناً ومنصّباً من رسول الله ، ولذا طالب بحقه في الخلافة التي تقمّصها غيره؟
والغريب ان الذين رفضوا البيعة لأبي بكر ، كلهم من بني هاشم ، وأهل البيت الذين أوصى بهم ـ رسول الله ـ خيراً وان الأمّة يجب أن تتبعهم وتطيعهم وتأخذ أحكام الشريعة منه دون غيرهم ، لأن الله طهَّرهم من الدنس وأذهب عنهم الرجس ، وجعلهم الهداة للأمّة ، وسُفن النجاة ، وعدْل القرآن والثقل الآخر له ، ولا يفترقون عنه إلى يوم القيامة ، وبالطبع امتنع عن البيعة ، فضلاً عن بني هاشم وأهل بيته صلىاللهعليهوآله ، بعض الصحابة الكبار من أمثال سلمان والزبير والمقداد وعمار وأبي ذر وغيرهم (٢).
__________________
(١) الامامة والسياسة ـ ابن قتيبة الدينوري ١ : ٢٠.
(٢) العقد الفريد ـ ابن عبد ر به ٤ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ـ الطبعة الثانية.