فالخلافة الراشدة ، خط أحمر ، لا يحق لأحد تجاوزه او اختراقه بالمرّة ، لكنني لما كنت قد آليت على نفسي أن لا أستثني من النقد والاتهام إلا صاحب الدعوة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فهو الخط الأحمر الذي لا يجوز لي ولأي مسلم المساس به ، وإلا فَقَد ايمانه ودينه بالمرة ، سوى الأحاديث الموضوعية عليه والتي لا تناسب مقامه السامي ، فمن حق أي مسلم ، التشكيك في تلك الأحاديث للذبّ عنه صلىاللهعليهوآله.
أول ما خَطَر في ذهننا من تساؤل ، هو : من أين أتت تسمية الخلافة الاولى بالراشدة؟ وما هو أصلها؟ ولم يطل تساؤلي ، فاكتشفت ان التسمية مقتبسة من الحديث المنسوب إلى النبي صلىاللهعليهوآله والذي يدعو فيه إلى الاقتداء بسُنّته وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديين ، ونص الحديث : عليكم بسُنّي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ (١).
وقبل البحث عن صحة إسناد الحديث من عدمه ، فإن الحديث واضح البطلان ، ولا يستحق المناقشة ، فهو موضوع لا ريب في ذلك ، والأدلة على ذلك كثيرة ومُحكمة :
١ ـ لم يقلْ الحديث من هم الخلفاء الراشدون؟ وكم هو عددهم؟ وهل يأتون بعد الرسول مباشرة أم بعده بفترة؟ خاصة وان تحديدهم ، أمر مهم جداً ، بل واجب لأنهم منصوص عليهم من قبل رسول الله ، وعلى المسلمين اتّباع سُنّتهم.
٢ ـ إذا كان الخلفاء الراشدون ، هم الخلفاء الذين جاءوا بعده صلىاللهعليهوآله ، أي الاربعة : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، فانهم حسب نظرية أهل السُنّة والجماعة ، لم يعيّنهم ، وانما ترك المسلمين يختارون الخليفة حسب ذوقهم واجتهادهم ، فاختار عمر أبا بكر في السقيفة ، واختار أبو بكر وحده عمر بن الخطاب ، وانتخبت اللجنة السداسية التي عينها
__________________
(١) فتاوى السبكي ١ : ١٥٨ ؛ تأريخ الخلفاء ـ السيوطي : ١١ ؛ الفتاوى الكبرى ـ ابن تيمية ٤ : ٤٣٠.