ومع التهديد الالهي والتحذير للمتهاون بالصلاة ، فان المسلمين قد بدّلوا الصلاة باعتراف أنس بن مالك ، وهو كان خادماً للرسول لعَقْد من الزمن ، وعلى معرفة بصلاة النبي اليومية ، اذ يقول أنس عن جدّه مالك : ما أعرف شيئاً مما أدركت عليه الناس إلا النداء للصلاة. ويذكر السيوطي عن الباجي : يريد ـ أي مالك ـ الصحابة وان الأذان باق على ما كان عليه لم يدخله تغيير ولا تبديل بخلاف الصلاة فقد أُخّرت عن أوقاتها ، وسائر الافعال دخلها التغيير ، ولكن يُعلم من رواية أخرى ذكرها في الموطأ ، ان الاذان أيضاً قد تغيّر عما كان عليه في عصر رسول الله ، وزيد في أذان الصبح ، الصلاة خير من النوم بأمر من عمر (١).
ويقول أنس بن مالك : ما أعرف شيئاً مما كان على عهد رسول الله ، قيل : الصلاة ، قال : أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها (٢).
وروى الشافعي من طريق وهب بن كيسان ، قال : رأيت ابن الزبير يبدأ بالصلاة قبل الخطبة ، ثم قال : كل سُنن رسول الله قد غُيّرت حتى الصلاة (٣).
ويقول الحسن البصري في هذا النطاق : لو خرج عليكم أصحاب رسول الله ما عرفوا منكم إلا قبلتكم (٤).
ويبدو من تصريحات كبار علماء أهل السُنّة والجماعة ، انه ليست الصلاة فقط قد تبدّلت وانما سُنن الرسول كلها. وذلك في عهد الصحابة والتابعين ، فأين كان الصحابة
__________________
(١) تنوير الحوالك ـ السيوطي : ٩٢.
(٢) صحيح البخاري ١ : ١٣٤.
(٣) كتاب الام ـ الشافعي ١ : ٢٦٩.
(٤) جامع بيان العلم وفضله ـ ابن عبد البر ٢ : ٢٠٠.