وهذا الموقف من مالك وابن القطان ، يعارض مقولة إجماع الأمّة على ترتيب الأربعة المذكور.
ـ قال رسول الله : «ان الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمُرسلين ، واختار لي منهم أربعة : أبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً ، فجعلهم خير أصحابي ، وفي أصحابي كلهم خير (١).
هذا الحديث ، موضوع أيضاً وواضح الكذب والافتراء على رسول الله (عليه الصلاة والسلام) ، لأنه حتى ولو افترضنا ان جميع الصحابة عدول كما يدّعي أهل السُنّة ، إلا ان بعض الصحابة ـ كما يشهد كتاب الله والرسول الكريم والتأريخ الصحيح أيضاً ـ كان يعصي الله رسوله ، ويقترف الآثام والموبقات ويرتكب المعاصي والكبائر كمعاقرة الخمرة وقتل النفس المحترمة وفِعْل الزنا والفِرار من الزحف ، فلا يحق لرجل عادي أن يضع الصحابة في مرتبة أدنى قليلاً من مرتبة الرُسُل ، فكيف برسول الله؟
ثم ان علماء الجمهور أنفسهم يقرّون بأن هذا الحديث موضوع ، كأبي بكر الخلال الذي يثبت عدم صحّته. وابن حزم الذي يقول عنه بأنه موضوع ومكذوب وباطل ، وكذلك أحمد بن حنبل ، والبزار الذي يعترف بأن هذا الكلام لا يصحّ عن النبي. ن
ـ يروي مؤرخوا الجمهور المسلم بأن رسول الله قال بأن الجنة مشتاقة الى أربعة من أمّته ، وهاب أبو بكر وعمر وعثمان أن يسألوه مَنْ هُمْ خوفاً بأن لا يكونوا منهم ، إلا عليّ فسأله ، فقال له (صلوات الله عليه) : أنك أوّلهم ، فقال عليّ : فمن الثلاثة؟ فقال له : المقداد وسليمان وأبو ذر ، وعليه فإن الجنة اشتاقت الى نفر من الصحابة دون الخلفاء الثلاث الاوائل الذين تحققت مخاوفهم في عدم شمولهم بالبشارة النبوية ، فكيف يحق لأحد أن يفضّلهم على الآخرين؟
__________________
(١) مجمع الزوائد ـ الهيثمي ١٠ : ١٦ ؛ كنز العمال ـ المتقي الهندي ١١ : ٦٣٥.