أما قوله «صلوات الله عليه» : اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر (١) ، فهو حديث لا يصدّقه إلا من فقد رشده ومنطقه السليم ، للعوامل التالية :
١ ـ لِمَ لم يُوسّع رسول الله من دعوته للاقتداء ، لتشمل الخليفة الثالث والرابع ، وهما من الخلفاء الراشدين ، وسُنّتهما كسُنّته كما يدّعي الجمهور.
٢ ـ تعارض سيرة الخليفتين الاول والثاني وسنّتهما ـ في الكثير من جوانبها ـ بعضها من بعض ، فكيف يقتدي المسلمون بسيرتين متعارضتين فضلاً عن مخالفتهما في العديد من الاحيان للسيرة النبوية؟
٣ ـ ان توصية رسول الله «صلوات الله عليه» للأمّة بالاقتداء بالذين من بعده ـ أي أبي بكر وعمر ـ تصريح منه بأن الخليفتين من بعده ، هما أبو بكر وعمر ، فلماذا لم يحتج الصحابة بعد وفاة الرسول الاكرم «صلوات الله عليه» بهذا الحديث النبوي لو كان صحيحاً ، على ان النبي (سلام الله عليه) قد نصّ صراحة ـ بأنهما الخليفتين من بعده بالتوالي؟
٤ ـ ينصّ الامام الكبير أبو حامد الغزالي ، تعليقاً على قول قوم بأن الحُجّة في قول أبي بكر وعمر خاصة لقوله «صلوات الله عليه» : «اقتدوا باللذين من بعدي ...» : فان جميع هذه الأقوال باطلة. وفي معرض حديثه عن سُنّة الخلفاء ، يعلّق الغزالي على قول : «ان الحجة في قول الخلفاء الراشدين اذا اتفقوا» : بأن جميع هذه الأقوال باطلة (٢).
__________________
(١) المعجم الاوسط ـ الطبراني ٤ : ١٤٠ ؛ تأريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر ٤١ : ٤٢٢ ؛ الطبقات الكبرى ـ ابن سعد ٢ : ٣٣٤.
(٢) المستصفى ـ الغزالي : ١٦٨.