أنفاسهم ، ويراقبونهم ليلاً ونهاراً ، وينكِّلون بأتباعهم خوفاً من تحلّق الناس حولهم ، ولولا معرفة أولئك الحكام والخلفاء بأحقية أهل البيت للخلافة والامامة ، وإن الرسول صلىاللهعليهوآله لم يوصِ بهم من باب تأكيد فضائلهم ومناقبهم فقط ، وإلا كان من العبث أن يتخذ الحكّام سياسة القمع والتنكيل تجاه أهل البيت وابنائهم على مرّ التأريخ ، وفي المقابل فإن علياً وأبناءه لم يكونوا على باطل أو كانوا أدعياء حينما كانوا يعتقدون باغتصاب الخلفاء الأوائل للسلطة منهم؟
هذا ما يقرّ به الشيعة ورموزهم ، لأن اعتصام عليّ وبني هاشم وبعض الصحابة في بيت الزهراء ، ورفضهم البيعة لأبي بكر (١) ، لم تأتِ عبثاً أو إدعاء لا أساس له ، وانما اعتصم عليّ وبنو هاشم والعديد من الصحابة الكبار مثل عمار بن ياسر وطلحة والزبير والمقداد وسلمان وغيرهم في بيت الزهراء لإيمانهم بأن علياً كان مُوصاً به من قبل رسول الله ، لكن القوم أبوْا له تسلّم الخلافة ، وآثروا أن يقصوه عنها ، بحجّة ان قريشاً تكره اجتماع النبوة والخلافة في بني هاشم ، كما أقرّ الخليفة ، عمر بن الخطاب بذلك (٢).
ويؤمن الشيعة بأن علياً لم يبايع أبا بكر اختياراً ، وإنما بايعه مكرهاً بعد أن هدّده البلاط الحاكم بالقتل ، وعندما رأى انصراف وجوه الناس عنه لأنه الوحيد الذي لم يُبايع ، وبايع سائر المهاجرين والأنصار ، الخليفة الأول ، إما خوفاً ورهبة أو لعلمهم ان البيعة أمر لا مفرَّ منه بالرغم من اعتقادهم بأحقية عليّ للخلافة (٣).
__________________
(١) الامامة والسياسة ١ : ٢٩ ـ ٣٠؛ العقد الفريد ٤ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ـ الطبعة الثانية.
(٢) تأريخ الطبري ٣ : ٢٨٩ ؛ الكامل في التأريخ ـ ابن الاثير ٣ : ٦٣.
(٣) الامامة والسياسة ١ : ١٢ ـ ١٣ ـ مطبعة مصطفى الحلبي ؛ الملل والنحل ـ الشهرستاني ١ : ٥٧ ـ دار المعرفة بيروت.