القياس وبدأ فيها ، وجاء بعده تلاميذه فزادوا ووسّعوا (١).
ومما اختص به أبو حنيفة في الاجتهاد ، أنه يأخذ بالرأي والقياس ، ويقول بالاستحسان حتى يُسمّى هو وأصحابه بأهل الرأي (٢).
تفقّه على أبي حنيفة كثير من الأئمة ، وانتفع باجتهاده وطريقته فيه كثيرون من أهل المذاهب ، فالشافعي انتفع بمحمد بن الحسن تلميذ الامام ، والامام أحمد تلميذ الشافعي (٣).
والأحناف منسوب إليهم انهم لا يقولون بالمصالح المرسلة ، ولا يعتبرونها دليلاً ، وهم يردّون الحديث إذا خالف الأقيسة الظاهرة ، إلا أن يكون الراوي معروفاً بالفقه والاجتهاد كالخلفاء الراشدين (٤).
وكان من ورع أبي حنيفة ، وزهده في الدنيا ، أن ابن هبيرة ، والي العراق من قبل بني أميّة ، أكرهه على قضاء الكوفة ، فأبى ، وضربه مائة سوط ، وعشرة أسواط ، فأبى وأصرّ ، فخلّى عندئذ سبيله (٥).
وقد يعلل رفضه القضاء ، لكيلا يكون موالياً للحاكم ، كما قد يعلل ضرب ابن هبيرة إيّاه بأنه لا يرى شرعية خلافة الحاكم ... وربما كان في نفسه لا يرى شيئاً من
__________________
(١) المذاهب الفقهية : ٩٢.
(٢) المصدر السابق : ٣٨.
(٣) المصدر السابق : ٤٥.
(٤) المذاهب الفقهية : ٩٠.
(٥) انظر : شذرات الذهب ـ ابن العماد الحنبلي : ٢٨٨.