تَقْوِيمٍ) وإن كان فيهم المشوه الخلق لأن هذا عارض لا يعتد به في هذا الوصف. والله تعالى خلق الإنسان على أحسن صورة الحيوان كله. والصورة عبارة عن بنية مخصوصة كصورة الإنسان والفرس والطير وما أشبه ذلك. ثم قال (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) يعني إليه المرجع يوم القيامة وإليه المآل. ثم قال (يَعْلَمُ) يعني الله تعالى بعلم (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الموجودات (وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) أي ما تظهرونه وما تخفونه. وقيل : ما يسره بعضكم إلى بعض وما تخفوه في صدوركم عن غيركم. والفرق بين الإسرار والإخفاء أن الإخفاء أعم لأنه قد يخفى شخصه وقد يخفى المعنى في نفسه والإسرار والمعنى دون الشخص (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) معناه وهو عالم بأسرار الصدور وبواطنها. ثم خاطب نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين فقال (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) يعني من قبل هؤلاء الكفار (فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) أي بما سلطه الله عليهم بأن أهلكهم الله عاجلا واستأصلهم (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي مؤلم يوم القيامة (١).
* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦)) [سورة التغابن : ٦]؟!
الجواب / قال سويد السائي : سألت العبد الصالح عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) ، قال : «البينات هم الأئمة عليهمالسلام» (٢).
أقول ، قوله : (فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) وبهذا المنطق عصوا وكفروا (فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا) والله في غنى عن طاعتهم (وَاسْتَغْنَى اللهُ) فطاعتهم
__________________
(١) التبيان : ج ١٠ ، ص ١٨.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٧٢.