وجلّ ولاية المؤمنين [منهم] وأظهروا لهم العداوة فقال : (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) فلما أسلم أهل مكة خالطهم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وناكحوهم ، وتزوج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أم حبيب بنت أبي سفيان بن حرب ، ثم قال : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ) إلى آخر الآيتين (١).
* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩)) [سورة الممتحنة : ٨ ـ ٩]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ) أي ليس ينهاكم الله عن مخالطة أهل العهد الذين عاهدوكم على ترك القتال ، وبرهم ومعاملتهم بالعدل وهو قوله : (أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) أي وتعدلوا فيما بينكم وبينهم من الوفاء بالعهد. وقيل : إن المسلمين استأمروا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أن يبروا أقرباءهم من المشركين ، وذلك قبل أن يؤمروا بقتال جميع المشركين ، فنزلت هذه الآية ، وهي منسوخة بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وقيل : إنه عنى بالذين لم يقاتلوكم من آمن من أهل مكة ، ولم يهاجر ، وقيل : هي عامة في كل من كان بهذه الصفة. والذي عليه الإجماع أن بر الرجل من يشاء من أهل الحرب ، قرابة كان أو غير قرابة ، ليس بمحرم ، وإنما الخلاف في إعطائهم مال الزكاة والفطرة والكفارات. فلم يجوزه أصحابنا ، وفيه خلاف بين الفقهاء. وقوله : (أَنْ تَبَرُّوهُمْ) في موضع جر بدل من الذين ، وهو بدل الاشتمال ، وتقديره :
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٦٢.