السماء من النجم كالنار. قال الله تعالى (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ)(١) والحرس جمع حارس. وقيل : إن السماء لم تحرس قط إلا لنبوة أو عقوبة عاجلة عامة. ثم حكى أنهم قالوا أيضا (أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) أي لم يكن فيما مضى منع من الصعود في المواضع التي يسمع منها صوت الملائكة وكلامهم ، ويسمع ذلك ، فالآن من يستمع منا ذلك يجد له شهابا يرمي به ويرصد و (شِهاباً) نصب على أنه مفعول به و (رَصَداً) نعته (٢).
* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠)) [سورة الجنّ : ١٠]؟!
الجواب / أقول : ثم قالوا الجن : مع كل هذا فإننا لا ندري أكان هذا المنع من استراق السمع دليل على أنّه شر قد نزل على أهل الأرض ، أم أراد الله بذلك المنع أن يهديهم ، وبعبارة أخرى أننا لا ندري هل هذا هو مقدمة لنزول البلاء والعذاب من الله ، أم مقدمة لهدايتهم ، ولكن لا يخفى على مؤمني الجن أنّ المنع من استراق السمع الذي تزامن مع ظهور نبينا الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم هو مقدمة لهداية البشرية. وانحلال جهاز الكهانة والخرافات الأخرى ، وليس هذا إلا انتهاءا لعصر الظلام ، وابتداء عصر النور.
ومع هذا ، فإنّ الجن ولعلاقتهم الخاصة بمسألة استراق السمع كادوا يصدقون ما في ذلك المنع من خير وبركة ، وإلا فهو واضح ما اعتمد عليه الكهنة في عصر الجاهلية في هذا العمل من استراق السمع في تضليل الناس.
وقد صرحوا بالفاعل لإرادة الهداية فنسبوه إلى الله ، وجعلوا فاعل الشر
__________________
(١) الملك : ٥.
(٢) التبيان : ج ١٠ ، ص ١٤٩.