النعم ، امتنانا على خلقه ، وتنبيها لهم على استحقاقه للعبادة ، خالصة من كل شرك ، ودلالة لهم على أنه عالم بمصالحهم ، ومدبر لهم على ما تقتضيه الحكمة ، فيجب أن لا يقابلوا هذه النعم الجليلة بالكفر والجحود.
ثم عاد سبحانه إلى ذكر نوح عليهالسلام بقوله : (قالَ نُوحٌ) على سبيل الدعاء (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) «فيما أمرتهم به ، ونهيتهم عنه يعني قومه (وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) أي واتبعوا أغنياء قومهم اغترارا بما آتاهم الله من المال والولد ، فقالوا : لو كان هذا رسولا لله ، لكان له ثروة وغنى. وقرىء ولده وولده بالضم والفتح. فالولد : الجماعة من الأولاد. والولد. الواحد. وقيل : هما سواء. والخسار : الهلاك بذهاب رأس المال. وقيل : إن معناه اتبع الفقراء والسفلة الرؤساء الذين لم يزدهم كثرة المال والأولاد إلا هلاكا في الدنيا ، وعقوبة في الآخرة (وَمَكَرُوا) في دين الله (مَكْراً كُبَّاراً) أي كبيرا عظيما. وقيل : معناه قالوا قولا عظيما. وقيل : اجترأوا على الله ، وكذبوا رسله ، وقيل : مكرهم تحريشهم سفلتهم على قتل نوح عليهالسلام (١).
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً (٢٥) وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧)) [سورة نوح : ٢٣ ـ ٢٧]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : كان قوم مؤمنون قبل نوح عليهالسلام فماتوا ، فحزن عليهم الناس ، فجاء إبليس فاتخذ لهم صورهم ليأنسوا بها فأنسوا ، فلما
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١٠ ، ص ١٣٦ ـ ١٣٧.