البلدان (حُدُودُ) وبهذا اللحاظ يقال للقوانين الإلهية إنها حدود ، وذلك لحرمة تجاوزها.
* س ٣ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٥) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦)) [سورة المجادلة : ٥ ـ ٦]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : ثم قال (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) والمحادة المخالفة في الحدود أي من خالف الله ورسوله فيما ذكراه من الحدود (كُبِتُوا) أي أخذوا ـ في قول قتادة وقال غيره : أذلوا. وقال الفراء : معناه أغيظوا واحزنوا يوم الخندق (كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يعني من قاتل الأنبياء من قبلهم. ثم قال تعالى (وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ) أي حجج واضحات من القرآن وما فيه من الأدلة. ثم قال (وَلِلْكافِرِينَ) أي للجاحدين لما أنزلناه من القرآن والآيات (عَذابٌ مُهِينٌ) أي يهينهم ويخزيهم.
ولما قال الله تعالى أن الكافرين لحدود الله لهم عذاب مهين ، بين متى يكون ذلك ، فقال (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً) أي يحشرهم إلى أرض المحشر ويعيدهم أحياء (فَيُنَبِّئُهُمْ) أي يخبرهم ويعلمهم (بِما عَمِلُوا) في دار الدنيا من المعاصي وارتكاب القبائح ، ثم قال (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) أي أحصاه الله عليهم وأثبته في كتاب أعمالهم ونسوه هم (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ومعناه أنه يعلم الأشياء كلها من جميع وجوهها لا يخفى عليه شيء من ذلك وإن كان كثيرا من الأشياء لا يصح مشاهدتها ولا إدراكها ، ومنه قوله (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي علم ذلك (١).
__________________
(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٥٤٦.