والتغابن هو التفاوت في أخذ الشيء بدون القيمة ، والذين أخذوا الدنيا بالآخرة بهذه الصفة في أنهم أخذوا الشيء بدون القيمة ، فقد غبنوا أنفسهم بأخذ النعيم المنقطع بالدائم وأغبنهم الذين اشتروا الآخرة بترك الدنيا المنقطع إليها من هؤلاء الذين تغابنوا عليها ، وقال مجاهد وقتادة : يوم التغابن غبن أهل الجنة أهل النار (١). ثم قال (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً) أي من يصدق بالله بوحدانيته وإخلاص العبادة له ويقر بنبوة نبيه ويضيف إلى ذلك أفعال الطاعات (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ) أي يكفر عنه سيئاته التي هي دونها ، ويتفضل عليه بإسقاط عقاب ما دونها من المعاصي (وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) يعني بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار (خالِدِينَ فِيها) أي مؤبدين لا يفنى ما هم فيه من النعيم أبدا (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي النجاح الذي ليس وراءه شيء من عظمه. ثم قال (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بالله وجحدوا وحدانيته وأنكروا نبوة نبيه وكذبوا بمعجزاته التي هي آيات الله (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي بئس المآل والمرجع (٢).
* س ٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١)) [سورة التغابن : ١١]؟!
الجواب / ١ ـ أقول : يقول تعالى أولا : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ
__________________
(١) قال أبو عبد الله عليهالسلام : «يوم التّلاق : يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض ، ويوم التناد : يوم ينادي أهل النار أهل الجنّة : (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) ويوم التغابن : يوم يغبن أهل الجنة أهل النار ، ويوم الحسرة : يوم يؤتى بالموت فيذبح». (معاني الأخبار : ص ١٥٦ ، ح ١).
(٢) التبيان : ج ١٠ ، ص ٢١ ـ ٢٢.