وتبليغ الرسالة صباحا ومساء أي دائما ، فإن الله مؤيدك ومعينك. والبكرة : أول النهار. والأصيل : العشي ، وهو أصل الليل. (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) دخلت من للتبعيض ، والمعنى : فاسجد له في بعض الليل ، لأنه لم يأمره بقيام الليل كله. وقيل : فاسجد له يعني صلاة المغرب والعشاء (وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) أي في ليل طويل يريد التطوع بعد المكتوبة. وروي عن الرضا عليهالسلام أنه سأله أحمد بن محمد عن هذه الآية وقال : ما ذلك التسبيح؟ قال : صلاة الليل. (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) أي يؤثرون اللذات والمنافع العاجلة في دار الدنيا (وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ) أي ويتركون أمامهم (يَوْماً ثَقِيلاً) أي عسيرا شديدا. والمعنى أنهم لا يؤمنون به ، ولا يعملون له. وقيل : معنى وراءهم خلف ظهورهم ، وكلاهما محتمل. ثم قال سبحانه : (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) أي قوينا وأحكمنا خلقهم. وقيل : أسرهم أي مفاصلهم. وقيل : أوصالهم بعضها إلى بعض بالعروق والعصب. ولو لا إحكامه إياها على هذا الترتيب لما أمكن العمل بها ، والانتفاع منها. وقيل : شددنا أسرهم جعلناهم أقوياء ، وقيل : معناه كلفناهم ، وشددناهم بالأمر والنهي كيلا يجاوزوا حدود الله كما يشد الأسير بالقد لئلا يهرب ، (وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً) أي أهلكناهم وأتينا بأشباههم ، فجعلناهم بدلا منهم ، ولكن نبقيهم إتماما للحجة (١).
* س ٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٢٩) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٣٠) يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٣١)) [سورة الإنسان : ٢٩ ـ ٣١]؟!
الجواب / قال أبو الحسن الثالث عليهالسلام (٢) : «إن الله تبارك وتعالى جعل قلوب الأئمة عليهمالسلام موارد لإرادته ، وإذا شاء شيئا شاءوه ، وهو قوله تعالى :
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١٠ ، ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦.
(٢) أي محمد الجواد عليهالسلام.