وإلا فرق بينهما» (١).
٥ ـ أقول : قوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) : ليس العقل وحده يحكم بذلك ، وإنما الحكم الشرعي هو الآخر شاهد ودليل على ذلك. أي أن تكاليف البشر ومسؤولياتهم إنما هي بقدر طاقاتهم وتعبير (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) التي وردت ضمن الآيات السابقة نوع من الإشارة إلى هذا المعنى.
ولكن ورد في بعض الروايات أن المقصود ب (ما آتاها) هو ما «علمها» أي أن الله يكلف الناس بقدر ما علمهم وعرفهم به. ولذا استدل بهذه الآية على إثبات «أصل البراءة» في مباحث علم الأصول ، فمن لا يعلم حكما ليس عليه مسؤولية تجاه ذلك الحكم.
ونظرا لأن عدم الإطلاع يؤدي أحيانا إلى عدم المقدرة ، فمن الممكن أن يكون المقصود هو الجهل الذي يكون مصدرا للعجز.
وبناء على هذا فإنه سيكون للآية مفهوم واسع يشمل عدم القدرة والجهل الذي يؤدي إلى عدم القدرة على إنجاز التكليف.
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (٩) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً (١١)) [سورة الطّلاق : ٨ ـ ١١]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٧٥.