مجهولا ، وهذا إشارة إلى أنّ ما يأتي من الله فهو خير ، وما يصدر من الناس فهو شر وفساد إذا ما أساءوا التصرف بالنعم الإلهية ، ومع أنّ المفروض أن يذكر الخير في مقابل الشرّ إلا أن لفظة الخير هنا تعني الرشد.
لهذا قال الإمام الصادق عليهالسلام ـ لمن بايع معاوية ـ بعدما ذكر هذه الآية ، فقال : «لا ، بل والله شرّ أريد بهم حين بايعوا معاوية وتركوا الحسن بن علي عليهماالسلام» (١).
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣)) [سورة الجنّ : ١١ ـ ١٣]؟!
الجواب / ١ ـ قال علي بن إبراهيم القمي : قوله : (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) أي على مذاهب مختلفة (٢).
٢ ـ أقول : وفي إدامة حديث الجن يحذرون الآخرين فيقولون (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) إذ كنتم تتصورون أنكم تستطيعون الفرار من جزاء الله وتلتجئون إلى زاوية من زوايا الأرض أو نقطة من نقاط السماوات فإنكم في غاية الخطأ.
وعلى هذا الأساس فإن الجملة الأولى إشارة إلى الفرار من قبضة القدرة الإلهية في الأرض ، والجملة الثانية إشارة إلى الفرار المطلق ، الأرض والسماء.
ويحتمل أن يكون تفسير الآية هو أنّ الجملة الأولى إشارة إلى أنّه لا يمكن الغلبة على الله ، والجملة الثانية إشارة إلى أنّه لا يمكن الفرار من قبضة العدالة ، فإذا لم يكن هناك طريق للغلبة ولا للفرار فلا علاج إلّا التسليم لأمر
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٩١ ، ٣٨٩.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٨٩.