والدليل على أنهم قد سمعوا وعقلوا ولم يقبلوا ، قوله : (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ)(١).
وقال أبو جعفر عليهالسلام ، في حديث يذكر فيه أهل النار : «فيقولون : إن عذبنا ربنا ، لم يكن ظلمنا شيئا ـ قال : ـ فيقول مالك : (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) أي بعدا لأصحاب السعير» (٢).
* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣)) [سورة الملك : ١٢ ـ ١٣]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : لما تقدم الوعيد ، عقبه سبحانه بالوعد فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) أي يخافون عذاب ربهم باتقاء معاصيه ، وفعل طاعاته على وجه الإستسرار بذلك لأن الخشية متى كانت بالغيب كانت بعيدة من الرياء خالصة لوجه الله ، وخشية الله بالغيب تنفع بأن يستحق عليها الثواب ، وخشيته في الظاهر بترك المعاصي ، لا يستحق بها الثواب ، فإذا الخشية بالغيب أفضل لا محالة. وقيل : بالغيب معناه أنه يخشونه ، ولم يروه فيؤمنون به خوفا من عذابه. وقيل. يخافونه حيث لا يراهم مخلوق لأن أكثر ما ترتكب المعاصي إنما ترتكب في حال الخلوة فهم يتركون المعصية ، لئلا يجعلوا الله سبحانه أهون الناظرين إليهم ولأن من تركها في هذه الحال تركها في حال العلانية أيضا. (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) أي عظيم في الآخرة لا فناء له. ثم قال سبحانه مهددا للعصاة : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) يعني أنه عالم
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٧٨.
(٢) الاختصاص : ص ٣٦٤.