إبراهيم ومن آمن معه (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) أي قدوة حسنة. وإنما أعاد ذكر الأسوة ، لأن الثاني منعقد بغير ما انعقد به الأول ، فإن الثاني فيه بيان أن الأسوة فيهم كان لرجاء ثواب الله ، وحسن المنقلب والأول فيه بيان أن الأسوة في المعاداة للكفار. وقوله : (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) بدل من قوله (لَكُمْ) ، وهو بدل البعض من الكل ، مثل قوله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وفيه بيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله ، ويخاف عقاب الآخرة ، وهو قوله : (وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) وقيل : يرجو ثواب الله ، وما يعطيه من ذلك في اليوم الآخر. (وَمَنْ يَتَوَلَ) أي ومن يعرض عن هذا الاقتداء بإبراهيم ، والأنبياء ، والمؤمنين والذين معه ، فقد أخطأ حظ نفسه ، وذهب عما يعود نفعه إليه ، فحذفه لدلالة الكلام عليه وهو قوله : (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) أي الغني عن ذلك ، المحمود في جميع أفعاله ، فلا يضره توليه ، ولكنه ضر نفسه (١).
* س ٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧)) [سورة الممتحنة : ٧]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : «فإن الله أمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين بالبراءة من قومهم ما داموا كفارا».
وقوله تعالى : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ) (٢) الآية ، قطع الله عزّ
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٤٤٨ ـ ٤٤٩.
(٢) الممتحنة : ٤.