والثواب ، وذلك أنهم كانوا يقولون : إن كان بعث وجزاء ، كما يقوله محمد ، فإن حالنا يكون أفضل في الآخرة ، كما في الدنيا ، فأخبر سبحانه أن ذلك لا يكون أبدا. (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) هذا تهجين لهم ، وتوبيخ ، ومعناه : أي عقل يحملكم على تفضيل الكفار حتى صار سببا لإصراركم على الكفر ، ولا يحسن في الحكمة التسوية بين الأولياء والأعداء في دار الجزاء. (أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ) معناه : بل ألكم كتاب تدرسون فيه ذلك ، فأنتم متمسكون به ، لا تلتفتون إلى خلافه ، فإذا قد عدمتم الثقة بما أنتم عليه وفي الكتاب الذي هو القرآن عليكم أكبر الحجة ، لأنه الدلالة القائمة إلى وقت قيام الساعة ، والمعجزة الشاهدة بصدق من ظهرت على يده (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ) فيه وجهان أحدهما : إن تقديره أم لكم كتاب فيه تدرسون ، بأن لكم فيه ما تخيرون ، إلا أنه حذف الباء ، وكسرت (إِنَ) لدخول اللام في الخبر.
والثاني : إن معناه إن لكم لما تخيرونه عند أنفسكم ، والأمر بخلاف ذلك. ولا يجوز أن يكون ذلك على سبيل الخير المطلق (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أي : بل لكم عهود ومواثيق علينا ، عاهدناكم بها ، فلا ينقطع ذلك إلى يوم القيامة. (إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ) لأنفسكم به من الخير والكرامة عند الله تعالى. وقيل : بالغة معناها مؤكدة ، وكل شيء متناه في الجودة والصحة ، فهو بالغ (١).
* س ٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣)) [سورة القلم : ٤٠ ـ ٤٣]؟!
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١٠ ، ص ٩٥.