آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) يعني ليوم القيامة. والمعنى : لينظر كل امرىء ما الذي قدمه لنفسه ، أعملا صالحا ينجيه ، أم سيئا يوبقه ويرديه ، فإنه وارد عليه. قال قتادة : إن ربكم قرب الساعة ، حتى جعلها كغد ، وأمركم بالتدبر والتفكر فيما قدمتم (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) إنما كرر الأمر بالتقوى ، لأن الأولى للتوبة عما مضى من الذنوب ، والثانية لاتقاء المعاصي في المستقبل. وقيل : إن الثانية تأكيد للأولى (١).
* س ٨ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١٩)) [سورة الحشر : ١٩]؟!
الجواب / قال عبد العزيز بن مسلم : سألت الرضا علي بن موسى عليهالسلام ، عن قول الله عزوجل : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) (٢). فقال : «إن الله تبارك وتعالى لا ينسى ولا يسهو ، وإنما ينسى ويسهو المخلوق المحدث ، ألا تسمعه عزوجل يقول : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) (٣)؟ وإنما يجازي من نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم ، كما قال عزوجل ؛ (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) ، وقوله عزوجل : (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) (٤) أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا» (٥).
أقول : والنقطة الجديرة بالملاحظة أن القرآن الكريم يعلن هنا ـ بصراحة
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٤٣٥ ـ ٤٣٩.
(٢) التوبة : ٦٧.
(٣) مريم : ٦٤.
(٤) الأعراف : ٥١.
(٥) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ١ ، ص ١٢٥ ، ح ١٨.