جاءهم الشتاء أدخلوها البيوت ، فمضى ذلك القرن وجاء القرن الآخر ، فجاءهم إبليس فقال لهم : إن هؤلاء الآلهة كانوا آباؤكم يعبدونها ، فعبدوهم وضلّ منهم بشر كثير ، فدعا عليهم نوح عليهالسلام حتى أهلكهم الله (١).
وقال جعفر بن محمد عليهماالسلام ، في قول الله عزوجل : (وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) ، قال : «كانوا يعبدون الله عزوجل فماتوا ، فضجّ قومهم وشق ذلك عليهم ، فجاءهم إبليس لعنه الله ، فقال لهم : اتخذ لكم أصناما على صورهم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم وتعبدون الله ، فأعد لهم أصناما على مثالهم ، فكانوا يعبدون الله عزوجل [وينظرون إلى تلك الأصنام ، فلما جاءهم الشتاء والأمطار أدخلوا الأصنام البيوت ، فلم يزالوا يعبدون الله عزوجل] حتى هلك ذلك القرن ونشأ أولادهم فقالوا : إن آباءنا كانوا يعبدون هؤلاء ، فعبدوهم من دون الله عزوجل ، وذلك قول الله عزوجل : (وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً) الآية» (٢).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «كانت قريش تلطخ الأصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر ، وكان يغوث قبال الباب ، وكان يعوق عن يمين الكعبة ، وكان نسر عن يسارها ، وكانوا إذا دخلوا خرّوا سجّدا ليغوث ولا ينحنون ، ثم يستديرون بحيالهم إلى يعوق ، ثم يستديرون بحيالهم إلى نسر ، ثم يلبون فيقولون : لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك ، قال : فبعث الله ذبابا أخضر له أربعة أجنحة ، فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئا إلا أكله ، وأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)(٣) (٤).
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٨٧.
(٢) علل الشرائع : ص ٣ ، ح ١.
(٣) الحج : ٧٣.
(٤) الكافي : ج ٤ ، ص ٥٤٢ ، ح ١١.