وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «ولبث نوح عليهالسلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، يدعوهم إلى الله عزّ ذكره ، فيهزءون به ويسخرون منه ، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم ، فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) ، فأوحى الله عزوجل إلى نوح عليهالسلام أن أصنع السفينة وأوسعها وعجل عملها ، فعمل نوح عليهالسلام سفينة في مسجد الكوفة [بيده] فأتى بالخشب من بعد حتى فرغ منها».
قال المفضل : فانقطع حديث أبي عبد الله عليهالسلام عند زوال الشمس ، فقام أبو عبد الله عليهالسلام فصلى الظهر والعصر ، ثم انصرف من المسجد ، فالتفت عن يساره ، وأشار بيده إلى موضع دار الداريّين (١) ، وهو موضع دار ابن حكيم ، وذلك فرات اليوم ، فقال : «يا مفضّل ، وهاهنا نصبت أصنام قوم نوح : يغوث ويعوق ونسرا» (٢).
وقال الصادق جعفر بن محمد عليهالسلام : «لما أظهر الله تبارك وتعالى نبوّة نوح عليهالسلام وأيقن الشيعة بالفرج ، اشتدّت البلوى وعظمت الغربة إلى أن آل الأمر إلى شدة شديدة نالت الشيعة ، والوثوب على نوح عليهالسلام بالضرب المبرّح ، حتى مكث عليهالسلام في بعض الأوقات مغشيّا عليه ثلاثة أيام يجري الدم من أذنه ، ثم أفاق ، وذلك بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه ، وهو في خلال ذلك يدعوهم ليلا ونهارا فيهربون ، ويدعوهم سرا فلا يجيبون ، ويدعوهم علانية فيولون.
فهمّ بعد ثلاثمائة سنة بالدّعاء عليهم ، وجلس بعد صلاة الفجر للدعاء ، فهبط إليه وفد من السماء السابعة ، وهم ثلاثة أملاك ، فسلّموا عليه ، ثم قالوا : يا نبي الله لنا حاجة. قال : وما هي؟ قالوا : تؤخّر الدعاء على قومك ، فإنها
__________________
(١) الدّاري : العطار. «لسان العرب : ج ٤ ، ص ٢٩٩».
(٢) الكافي : ج ٨ ، ص ٢٨٠ ، ح ٤٢١.