أول سطوة لله عزوجل في الأرض ، قال : قد أخرت الدعاء ثلاثمائة سنة أخرى ، وعاد إليهم ، فصنع ما كان يصنع ، ويفعلون ما كانوا يفعلون ، حتى إذا انقضت ثلاثمائة سنة أخرى ويئس من إيمانهم ، جلس في وقت ضحى النهار للدعاء ، فهبط عليه وفد من السماء السادسة وهم ثلاثمائة أملاك فسلّموا عليه ، وقالوا : نحن وفد من السماء السادسة خرجنا بكرة وجئناك ضحوة ، ثم سألوه مثل ما سأله وفد السماء السابعة ، فأجابهم إلى مثل ما أجاب أولئك الثلاثة.
وعاد عليهالسلام إلى قومه يدعوهم فلا يزيدهم دعاؤه إلا فرارا ، حتى انقضت ثلاثمائة سنة أخرى تتمّة تسعمائة سنة ، فصارت إليه الشيعة ، وشكوا ما ينالهم من العامة والطواغيت وسألوه الدّعاء بالفرج ، فأجابهم إلى ذلك وصلّى ودعا ، فهبط عليه جبرئيل عليهالسلام. فقال له : إن الله تبارك وتعالى قد أجاب دعوتك فقل للشيعة يأكلون التمر ويغرسون النّوى ويراعونه حتى يثمر ، فإذا أثمر فرّجت عنهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، وعرفهم ذلك فاستبشروا به ، فأكلوا التمر وغرسوا النوى وراعوه حتى أثمر ، ثم صاروا إلى نوح عليهالسلام بالتمر ، وسألوه أن ينجز لهم الوعد ، فسأل الله تعالى في ذلك ، فأوحى الله إليه : قل لهم : كلوا هذا التمر ، وأغرسوا النّوى ، فإذا أثمر فرّجت عنكم.
فلمّا ظنوا أن الخلف قد وقع عليه ، ارتدّ منهم الثلث وثبت الثلثان ، فأكلوا التمر وغرسوا النوى حتى إذا أثمر أتوا به نوحا عليهالسلام ، فأخبروه وسألوه أن ينجز لهم الوعد ، فسأل الله تعالى في ذلك ، فأوحى الله إليه قل لهم : كلوا هذا التمر ، وأغرسوا النّوى ، فارتدّ الثلث الآخر وبقي الثّلث ، فأكلوا التمر وغرسوا النّوى ، فلمّا أثمر أتوا به نوحا عليهالسلام فقالوا : لم يبق منا إلا القليل ونحن نتخوّف على أنفسنا بتأخر الفرج أن نهلك ، فصلى نوح عليهالسلام ثم قال : يا رب ، لم يبق من أصحابي إلا هذه العصابة ، وإني أخاف عليهم الهلاك إن تأخر عنهم الفرج ، فأوحى الله عزوجل إليه : قد أجبت دعاءك ، فاصنع