نظراً إلى تنوع الأعراض فإنه من الصعب إيجاد عامل محدد لتفسير جميع هذه الحالات . . إلا أن الطب يميل إلى الاعتقاد بأن أنماط الحياة التي نعيشها في هذا العصر المتوتر تساهم إلى حدٍّ کبير في الأعراض المعقدة التي تعاني منها المراهقات . . ولا تزال الطرق القديمة التي کانت معروفة منذ آلاف السنين والتي کانت تعتمد على الراحة والتدليک والاستحمام بالماء الساخن والتمارين المناسبة تستعمل حتى يومنا هذا على الرغم من تطور العلاجات الحديثة . . . ويعتبر الانسداد الرحمي أحد الأعراض التي تسبب آلام الحيض العنيفة وتبلغ فتحة عنق الرحم لدى الفتاة المراهقة في الحالات العادية حجم عود الرصاص داخل القلم ولکنه ـ أي عنق الرحم ـ بعد الولادة يصل حجمه تقريباً إلى حجم قطر القلم بکامله . . وهذا ما يفسر انخفاض آلام التشنجات لدى عدد کبير من النساء بعد إنجاب طفلهن الأول بطريقة طبيعية . ويقول الأخصائيون في هذا المجال إن آلام تشنجات الحيض قد يکون سببها رحم لم ينم بصورة کاملة نتيجة لسوء التغذية أو نقص في استعمال الهرمونين الذين ينتجهما المبيض وهما « الأستروجين » و « البرجسترون » ، فإذا کان هناک أي خلل في توازن هذين الهرمونين فإن التقلصات في داخل الرحم تزداد حدة وعدداً . . وعندما يتوقف المبيض عن إنتاج هرمون البرجسترون فإن الألم يخف وغالباً ما يزول والشيء الذي يحدث هو أنه مع اقتراب موعد الحيض تتشنج الشرايين الصغيرة الملفوفة وينجم عنها نقص في کمية الأوکسجين الضرورية للعضل الرحمي مما يسبب ألماً يشبه إلى حد کبير الألم الذي يرافق تشنج الساق أو عضلة القلب أثناء نوبة قلبية . . وهناک اعتقاد متزايد بأن هذا النوع من الألم يتصل إلى حد ما بعوامل تناسلية نفسانية وهذا ما يفسر لنا بطريقة معقولة تفاوت تحمل الآلام لدى النساء وبالإمکان القول أيضاً : إن الانحطاط العصبي وسرعة الغضب الذي يظهران عادة في ميعاد الحيض ينجمان عن عمل هرمون البرجسترون الذي يقلص الأوعية الدموية ويحبس الماء والأملاح في الأنسجة .
وهناک عامل آخر يعتبر من أحد أسباب آلام
الحيض ألا وهو العامل النفسي والشخصي ، فموقف الفتاة تجاه هذا الزائر الشهري يعتبر عاملاً هاماً في هذا الموضوع ، فالمرأة
التي تشعر بالخوف من أن تکون حاملاً فإن الحيض يأتي کصديق لها ، أما بالنسبة للمرأة التي
تعتبر الحيض « لعنة » فإنَّ بدء الميعاد يکون بالنسبة لها أليماً ولا يتأثر بأي علاج
معروف بطريقة فعالة . . وکمثال على بيان أثر العوامل النفسية والشخصيّة في معاناة المرأة من
آلام الحيض : أن فتاة لم تکن تشعر بآلام الحيض طوال عشرة أعوام إلا أنها فجأة وقعت تحت وطأة ألم شديد
ارتبط بدورتها الشهرية وأثبتت کل الفحوص سلامتها من کل عيب عضوي ، وبدراسة حياتها الاجتماعية وجد أنها على خصام مع خطيبها الذي هدد بفسخ الخطوبة وقد امتد هذا الاضطراب العاطفي إلى رحمها فقلَّصه وأدى في النهاية إلى إصابتها بالتشنجات
المؤلمة وعندما عادت المياه إلى مجاريها بينها وبين خطيبها اختفت جميع أعراضها التي نغصت
عليها