الخمسين في فتواهم ، وهي أنهم يختارون الأكثر للاحتياط وتحصيل البراءة اليقينية ، ولا يخفى على المتأمّل أن هذه طريقتهم في حكاية النزح ، ومراعاة ما ذكره ـ من أنّ التخيير بين الأقل والأكثر يقتضي عدم وجوب الزائد ـ تحقق مذهب الشارح ـ رحمهالله ـ من أن البناء على الاستحباب مطلقا ، إذ ما يقتضي عدم وجوب الزيادة غير مختص بالخصوصية التي ذكرها ، بل هي منها ، بل شدة اختلاف الأخبار والحكم بنزح دلاء على الإطلاق وغير ذلك مما أشرنا إليه في ترجيح عدم انفعال البئر أيضا يقتضي الاستحباب ، بل وأظهر من الاقتضاء. مع أن هذا التخيير أيضا غير مختص بالمقام.
وبالجملة : مراعاة ما ذكره يهدم بنيان بنائهم من الأساس ، فلا يناسب جعله اعتراضا في خصوص المقام. فتأمّل.
قوله : إيجاب أحدهما. ( ١ : ٧٨ ).
لعل مراده أن إيجاب أحدهما في الواقع يستلزم إيجاب الأكثر بحسب الحكم الظاهري ، لأنه مقتضى الدليل ، لأن النجاسة ثابتة حتى يثبت المطهر ، وبالاحتمال لا يثبت ، والترديد لعله لأجل مصلحة اقتضاها المقام.
وكون المراد إيجاب أحدهما تخييرا في الواقع يأباه أن الواجب التخييري عند الشيعة مجموع الأمرين من حيث المجموع ، إلاّ أنّه بفعل أحدهما يسقط الآخر ، وأما وجوب أحدهما مبهما فهو رأي الأشاعرة ، وقد أبطلته الشيعة والمعتزلة ، وزيفوه ، وشنعوا عليهم ، كما قرر في محله.
وأيضا : هذا التوجيه إنما ذكره العلامة لأجل القائلين بأن النزح ليس إلا لرفع النجاسة أو للوجوب تعبدا ، فلا معنى للتخيير في ذلك بين الأقل والأكثر ، والحمل على ما ذكره الشارح يناسب مذاقه لا مذاقهم والتوجيه لهم ، لأن العلامة ـ رحمهالله ـ أيضا موافق للشارح ، وعلى تقدير المناسبة ما ذكره العلامة أنسب لمذاقهم ، وعلى تقدير التساوي ما ذكره ـ رحمهالله ـ لازم