وكذا الحال في جل وجوه الجمع ، فإنهم يحملون على المجاز ويستدلون ، والحمل على تفاوت مراتب الاستحباب لا يلائم طريقتهم ، لقولهم بالوجوب ، ولذا فعلوا في باب النزح ما فعلوا.
مع أن الأخبار الواردة فيها في غاية الاضطراب ، وحمل هذه على الوجوب وتلك على الاستحباب وإن كان ممكنا لكنه أيضا لا يوافق طريقتهم المسلوكة في سائر أخبار هذا الباب غالبا ، بناء على أن المنع من الاستحباب يقيني عندهم ، فجواز الاستعمال موقوف على دليل ثابت ، ومجرد الاحتمال لا يكفي.
( وكون الجمع بالحمل على الاستحباب مجرد احتمال عندهم ، إذ ليس عليه دليل شرعي وإن شاع ذلك بين فقهاء أمثال زماننا ، بحيث صارت من المتعينات عندهم ) (١).
وما ذكرناه يظهر من كلام الشيخ في التهذيب وغيره (٢) ، فتأمّل.
هذا ، لكن في الفقه الرضوي : « وإن بال الصبي وقد أكل الطعام استقي منها ثلاثة دلاء ، وإن كان رضيعا استقي منها دلو واحد » (٣) ، وهذا هو مستند المفيد ـ رحمهالله ـ البتة ، وإن كان الشيخ استدل بالرواية المذكورة ، لأنه ـ رحمهالله ـ حين التأليف لم يكن متفطنا لأصل المستند ومتذكرا له ، فأتى بها له ، كما وقع منه ـ رحمهالله ـ مكررا ، كما لا يخفى على المطلع.
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « د ».
(٢) التهذيب ١ : ٢٤٣ ، الاستبصار ١ : ٣٤.
(٣) فقه الرضا « ع » : ٩٤ ، ٩٥ ، المستدرك ١ : ٢٠٣ أبواب الماء المطلق ب ١٥ ح ٢ ، بتفاوت يسير.