بعض دون بعض ترجيحا من غير مرجّح ، مع كون المقام مقام إفادة حكم تلك الأفراد ، فبعد التسليم الرجحان ظاهر ، كما عرفت وستعرف.
ومما ينبّه على ذلك حال زماننا وما تقدّمه إلى زمان الصادق (١) عليهالسلام أيضا بالنسبة إلى المستفتين عن الأمور المذكورة ، بل والمفتين أيضا ، إذ نحن في مقام الجواب لا يخطر ببالنا سوى ما أشرنا ، مع أننا سمعنا القول بالوجوب النفسي ، واشتهر عندنا الخلاف فيه ، بل السائلون أيضا كثير منهم سمعوا ، ومع ذلك لا يخطر ببالنا وبالهم في مقام الجواب والسؤال وغير ذلك من مقامات المحاورات عند الإطلاقات سوى ذلك.
ومما يؤيد ، أنهم عليهمالسلام في كثير من المواضع ذكروا أنّ أمر كذا ناقض من غير تعرّض لوجوب الوضوء ، وربما يحتمل في الظن أن الأمر بالوضوء إنما هو كناية عن الناقضية ، فتأمّل في الأخبار.
ومما يؤيد أنّهم ربما تعرضوا لذكر الصلاة في السؤال والجواب بأن قالوا : « وليتوضأ لما يستقبل » (٢) ، يعني : الصلاة الآتية ، أو قالوا : « ليتوضأ لصلاة كذا » أو : « يتوضأ » أو : « يصلي » ، إلى غير ذلك ، فتتبع وتأمل.
وأمّا صحيحة عبد الرحمن ونظائرها فمحمولة على الاستحباب قطعا ، للإجماع والأخبار على جواز النوم. مع أنه لو حمل على الوجوب يلزم الفور أو الوجوب للنوم ، وفيه ما فيه.
بل يمكن أن يقال بمثل ذلك في باقي ما أورده من الأخبار ، لمكان الفاء ، بناء على إفادتها الفوريّة ، وعدم تسليم ما ذكرنا سابقا ، إذ الظاهر حينئذ ليس باقيا على حاله ، والحاجة إلى الحمل تمنع عن الاحتجاج. إلاّ
__________________
(١) في « و » : المعصوم.
(٢) الوسائل ١ : ٣١٧ أبواب أحكام الخلوة ب ١٠ ح ١.