وبالجملة : دلالة الروايات على مضي المقدار بخصوصه كما ترى.
والعلامة ـ رحمهالله ـ في المنتهى لم يقل ما نسبه إليه ، بل صرح فيه أن القضاء ليس تابعا للأداء ، إلاّ أنّه ذكر في هذه المسألة أنّه لا بدّ من مضي مقدار الطهارة والصلاة حتى يتحقق شرط الوجوب والتكليف ، يعني أن الفوت والقضاء لا يصدقان ولا يتحققان إلاّ بعد مضي هذا المقدار من الوقت.
ولذا لو مات المكلف قبل دخول وقت الفريضة لم يصدق عليه أنه فاتته الفريضة وأنّ عليه قضاء ، إذ لم يرد منه فريضة أصلا إلاّ بعد دخول الوقت ، فكيف يصدق عليه في ذلك الآن ـ أي قبل الوقت ـ أنّه فاتت منه الفريضة وأن عليه قضاءها ، فإن القضاء عبارة عن تدارك ما فات ، لا أنّه عبارة عن تكليف مبتدأ ، ولذا لا يقال : إنّ صلاة الظهر مثلا عند دخول وقتها أو في أول وقتها قضاء وفائتة ، بل أداء وحاضرة.
فمراده ـ رحمهالله ـ أنه ما لم يمض المقدار المذكور لا يصدق فائتة الطاهرة وقضاء صلاة الطاهرة حتى يجب عليها القضاء ، بل يصدق فائتة الحائض وقضاء صلاة الحائض ، ولا شك أن الحائض لا تقضي الصلاة بل تقضي الصوم ، فعرفت أن ما ذكره حق لا محيص عنه ، لصدق الحكم المذكور ، وإلاّ فالعمومات كيف تكفي من دون ملاحظة ما ذكره ، فتدبر.
والحاصل أن الأصل السالم إنّما يكون سالما إذا لم تشمل العمومات الدالة على وجوب قضاء الفوائت ما نحن فيه ، وعدم الشمول إنما يظهر مما ذكره وإلاّ فالعموم لا يقاومه الأصل.
قوله : ومتى انتفى انتفى. ( ١ : ٣٤٢ ).
قد عرفت أن القضاء هو تدارك ما فات ، وأن الفوت لا يتحقق إلاّ في المطلوب الموقت الذي كان في ذلك الوقت مطلوبا وفات ، والفوت يتحقق