عدم صدق الوحدة عرفا ، وسيجيء الكلام فيه.
قوله : ومن العجب. ( ١ : ٣٥ ).
لم نجد فيه تعجبا ، لأنّ اعتباره الكرية بناء على ما هو الغالب فيه من النزول من مثل الميزاب ، وقد اعترف الشارح ـ رحمهالله ـ بعدم صدق الوحدة ، كما سيجيء كلامه ، ومقتضى هذا الانفعال عندهم بالنسبة إلى ماء الحمام الذي هو عبارة عما في الحياض الصغار ، كما صرح به.
وأمّا عدم استشكاله في الحمام فللأخبار المعمول بها ، وفتاوى الأصحاب ، بل الإجماع ، إذ لا شك في عدم انفعال مثل هذا عند كافة المسلمين ، وأنّهم في الأعصار والأمصار كانوا يتطهرون به. وبهذا يظهر وجه استشكاله [ في ] انسحابه إلى غيره.
وأمّا تصريحه بتقوّي الأسفل فلعله في صورة الانحدار ، بناء على أنّه لما كانت النجاسة لا تسري إلى الفوق فكذا الطهارة.
لكن يرد عليه ما سيورده من انفعال النهر العظيم المنحدر (١). والأظهر أن رأيه تغير ، وهو غير عزيز من المجتهدين ، لأنّه شاهد على تجدد النظر وتكراره والإمعان والدقة ، وعدم المساهلة والتقليد وجمود القريحة. ولذا جعل عدم التغير قدحا في الاجتهاد ، لكونه كاشفا عن المسامحة أو شائبة تقليد أو جمود القريحة ، إذ عادة لا يمكن استقرار الرأي مطلقا ، أما عند من اشترط التجدد فظاهر ، وأمّا عند من لم يشترط إذا اتفق التجدد ، مع أنّه لا تأمّل في حسنه ، فتأمّل.
( ويمكن أن يكون حكمه في الحمام بكرية المادة بناء على ما هو المتعارف فيه من أخذ مائه في استعماله وذهابه على سبيل التدريج ، فلا يبقى
__________________
(١) انظر المدارك ١ : ٤٥.