بل لا يبعد كونه واقعا ، بملاحظة أن المعهود من فقهاء الشيعة ( بل وغيرهم أيضا ) (١) ، في كل عصر ومصر ، عدم الالتزام والإلزام برفع الحدث الأصغر عند ظن الوفاة ، وعدم أمرهم بالوضوء للمقاربين للاحتضار من المرضى مع المكنة ، والتيمم مع عدمها ، أو أن يوضّأ المحتضرون ، أو ييمّموا. وكذا المشرفون على الغرق أو القتل أو الحرق وأمثال ذلك. وهذه طريقتهم المستمرة المعروفة بحيث لا يشوبها شائبة ريبة.
مضافا إلى عدم إشارة أحد منهم في مبحث الاحتضار إلى وضوء أو تيمم للوفاة ، مع ذكرهم لمثل الوصية ، وذكر الله تعالى ، وحسن الظن ، والتلقين ، وغير ذلك من آداب أخر.
مع أن رفع الحدث لو كان واجبا لكان ذكره أهم ، سيما مع كثرة الحدث المقتضية للاهتمام التامّ والمبالغة في الملاحظة.
بل لم نجد في الأخبار أيضا إشارة ، مع غاية اهتمامهم بالمستحبّات والآداب ، فضلا عن الواجبات.
وأيضا : لم نجد في الأخبار ولا كلام أحد من الفقهاء في مقام ذكر الواجبات ، مثل الصلاة والزكاة وأمثالهما ، ذكرا للوضوء ، بل والغسل أيضا ، فضلا عن التيمم ، بل ادّعي الإجماع على عدم وجوبه بالخصوص أيضا ، كما سيجيء ، فهو مؤيّد لعدم وجوب الوضوء أيضا ، لحكاية عموم البدليّة ، كما سيجيء (٢).
وأيضا : لم نجد إشارة إلى مظنّة الوفاة واعتبارها. وفهمها من مجرّد الأوامر بالوضوء ممّا لا يكاد يتفطّن به الحذّاق الماهرون فضلا عن العوام ، بل
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « ه ».
(٢) يأتي في ص ١٧.