واحتمال عدم وصول الشعر إلى الماء وإن كان بعيدا ينفع لعدم العلم بالنجاسة ، وهو المعتبر في موضوع الحكم ، سيما في الماء عند معظم المحققين ، كما هو مقتضى الدليل بالنظر إلى موضوع الحكم. وأمّا نفس الحكم فيكفي ظن المجتهد ، كما هو المحقّق والمسلّم ، مع أنّه لا محيص عنهما.
مع أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يحصل اليقين بأنه نجسها شيء ـ وسيما الماء ـ بالأخبار الدالة وحكم الاستصحاب.
وسيجيء التحقيق في الفرق بين نفس الحكم وموضوعه في ما ذكر ، فلاحظ.
فإن قلت : في الحسن : الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق يريد أن يغتسل ويداه قذرتان؟ ، قال : « يضع يده ويتوضأ ويغتسل » (١) ، الحديث.
قلت : غير معلوم أن القليل أقل من الكر ، ولا أن القذر هو النجس ، لعدم كونهما حقيقتين فيهما ، لا عند الشارع ولا المتشرعة ، ولا قرينة ظاهرة.
مع أنّ قوله : « يتوضأ » يشهد على البناء على التقية ، لظهوره في المعنى الاصطلاحي ، لثبوت الحقيقة الشرعية في كلام الصادقين عليهماالسلام ، كما مر ، مضافا إلى ظهوره من تتبع أحاديثهم ، مع مقارنته مع قوله : يغتسل ، فربما يكون الحديث من الشواهد على احتمال التقية في ما دل على الطهارة ، كما مر.
ولعل قوله : ليس عليكم ، مؤيد له ، بأن يكون إشارة إلى النجاسة ، وأنّها من جهة التقية توجب الحرج ، وذلك لأن جواز استعمال النجس
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٤٩ / ٤٢٥ ، الاستبصار ١ : ١٢٨ / ٤٣٨ ، الوسائل ١ : ١٥٢ أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ٥ ، بتفاوت في العبارة.