من العصر من ذلك. بل يلزمه جواز أن يفعل جميع ما ذكرناه على تقدير وجدان الماء الكثير غاية الكثرة ، وفيه ما فيه.
الثانية : قال : الأكثر على نجاسة ما دون الكر ، لمفهومي الصحيحين ، وظاهر الآخرين ـ إلى أن قال : ـ لا يعارض المفهوم المنطوق ، ولا الظاهر النص (١). انتهى.
ولا يخفى ما فيه بعد الإحاطة بما سبق ، حيث حصر الأدلة في الأربعة مع أنها لا تحصى ، إلا أن نظره لما كان مقتصرا على المدارك ولم يذكر فيه في المقام غيرها قال ما قال ، وهذا عيب عظيم في المجتهد.
وأعظم من هذا أنه في كتابه الحديثي جمع في حكمه بعدم الانفعال جميع ما يمكن أن يستدل له وما يتراءى منه ذلك ، وما لا دخل له فيه ، مثل طهارة ماء الاستنجاء ، وغسالة الغسل وغير ذلك ، وفي باب القدر الذي لا يتغير بما يعتاد وروده من النجاسات أتى بقليل مما دل على الانفعال بدلالة ضعيفة ، أو محل خدشة (٢) ، وأما باقي الأدلة الظاهرة والنصوص فقد شتته تشتيتا لا يعثر عليه طالب أدلة هذه المسألة ، فيظن الجاهل ندرة أدلة الانفعال مع ضعف الدلالة.
وقوله : ولا الظاهر النص ، أراد من أحد الظاهرين صحيحة الفضل في الولوغ ، وقد عرفت أنه لا يمكن تأويله ، فكيف عده ظاهرا وغير مقاوم للنص ، وأراد من النص العمومات ورواية الحسن السابقة ، فقد عرفت حالها.
انظر إليه كيف جعل النص ظاهرا ، مع أن كونه نصا في غاية الظهور ، بل لا يمكن تأويله كما عرفت سابقا ، وجعل الظاهر ـ على تقدير كونه ظاهرا ـ نصا. والعمومات لا شبهة في كونها من الظواهر ، ورواية الحسن أيضا كذلك ، لو سلم الظهور فيها.
__________________
(١) المفاتيح ١ : ٨٣.
(٢) الوافي ٦ : ١٥ و ٣١.