بالبديهة ، وخصوصا أن بناء توجيهك على أن الاخبار محمولة على الغالب المتعارف ، مع أنك عرفت ما فيه.
الخامسة : قال : إن اشتراط الكر مثار الوسواس (١).
وفيه : أنّ مثاره الحكم بالنجاسة بمجرد المظنة أو الاحتمال أو الوهم ، وقد عرفت أن الحكم بالنجاسة منحصر في العلم واليقين ، بل وتأمل بعض في الاكتفاء باليقين العادي ، وعلى أيّ تقدير اليقين اعتباره مسلم ثابت من الأدلة ، فلا محيص عنه ، للزوم الحرج أيضا ، كما لا يخفى على الملاحظ في أمر غير الماء أيضا.
مع أنا لم نجد فرقا بين الماء وغيره من الثياب ، والبدن ، والأواني ، وغيرها في حكاية الوسواس وحال الوسواسين ، بل ربما يوجد حالهم بالنسبة إلى غير الماء أشد ، فالمناسب على ما ذكرت عدم انفعال كل شيء لا خصوص الماء ، لأنه لا ينفع ، بل نفس التكليف مثاره على ما توهمت ، فالمناسب أن لا يكون تكليف بناء عليه.
على أن الانفعال الذي اخترت أيضا مثاره قطعا ، حيث جعلت نسبة مقدار من النجاسة إلى مقدار من الماء في التغير والتأثير ، ونسبة ضعفه إلى ضعفه كذلك ، وعلى هذا القياس ، وجعلت الحكم بعدم الانفعال في صورة الشك مخصوصا بما إذا بلغ كرا ، مع أنك جعلت حد الكر غير منضبط.
مضافا إلى أن غالب ما كان الرواة وغيرهم يحتاجون إلى معرفة حكمه هو صورة الأقل من الكر ، مع أنه معترف بأنه غالب ما كان في زمان الرواة الماء القليل ، فلعل سؤالهم في الحقيقة يكون عن حال القليل.
فإن كان الجواب يكون بالنسبة إلى الكر فقط ففيه ما فيه ، وإن كان
__________________
(١) الوافي ٦ : ١٩.