إلى التمسّك بالزمان الموهوم أو المنتزع أو الدهر ، فلا بأس علينا أن نبدّل الحدوث المراتبيّ بالحدوث الزماني بالزمان التقديريّ بالمعنى الذي ذكرنا في الحدوث المراتبيّ ؛ لعدم لزوم الإيراد الوارد على غير هذا الوجه.
والأولى أن يعبّر عن ذلك الحدوث بالحدوث السرمديّ كما لا يخفى.
والقول (١) بأنّ أقسام الحدوث منحصرة في معان ثلاثة : ذاتيّ ، وهو عبارة عن وجود الماهيّة بعد عدمها في لحاظ العقل دون الواقع ، ودهريّ ، وهو عبارة عن وجودها بعد نفي صريح واقعيّ غير كمّي ، وزمانيّ ، وهو عبارة عن وجودها بعد عدم واقعيّ كمّيّ ، فإذا لم يكن الزمان التقديريّ بمعنى الحدوث الذاتيّ ، ولا الزمانيّ ؛ لأنّه زمان واقعيّ نفس أمريّ لا تفاوت بينه وبين هذا الزمان إلاّ بالليل والنهار ، لا زمان فرضيّ تقديريّ ، فلا بدّ أن يكون بمعنى الحدوث الدهريّ ؛ إذ لم يعهد اصطلاح غير ما ذكرنا [ و ] على تقدير تسليمه لا يوجب بطلان ما ذكرنا ؛ إذ لا مشاحّة في الاصطلاح ، والعمدة تصحيح العقيدة على وجه يطابق النقل المشهور بل المتواتر ـ على ما قيل (٢) ـ الذي يكون ـ على ما قيل (٣) ـ من ضروريّات الدين.
وعن العلاّمة (٤) دعوى الإجماع على أنّ من اعتقد قدم العالم فهو كافر حكمه في الآخرة حكم باقي الكفّار وإن تنظّر بعض في التخصيص بالآخرة وذلك حاصل بما ذكرناه مع خلوّه عن المناقشة الواردة على غير المختار ، فيلزم الاعتقاد بما ذكرنا ؛ حذرا عن إنكار ضروريّ الدين ، مع أنّ العقل لا يمنع من تعلّق مشيئة الفاعل المختار
__________________
(١) القائل هو السيد محمد باقر الداماد. انظر : « القبسات » : ٣ ـ ٥ ، القبس الأوّل.
(٢) يمكن استفادة الشهرة أو التواتر والضرورة من تصريح أو ظاهر عبارات العلماء. انظر : « أنوار الملكوت » : ٢٨ ؛ « نهاية المرام في علم الكلام » ٣ : ٤ ؛ « القبسات » : ٢٥ ـ ٢٦ ؛ القبس الأوّل ؛ « التوحيد » : ٢٢٣ باب أسماء الله تعالى ، ذيل ح ١٤ ؛ « بحار الأنوار » ٥٤ : ٢٣٨ و ٢٤٠ و ٢٤٧ و ٢٥٢ و ٢٥٨ باب حدوث العالم.
(٣) يمكن استفادة الشهرة أو التواتر والضرورة من تصريح أو ظاهر عبارات العلماء. انظر : « أنوار الملكوت » : ٢٨ ؛ « نهاية المرام في علم الكلام » ٣ : ٤ ؛ « القبسات » : ٢٥ ـ ٢٦ ؛ القبس الأوّل ؛ « التوحيد » : ٢٢٣ باب أسماء الله تعالى ، ذيل ح ١٤ ؛ « بحار الأنوار » ٥٤ : ٢٣٨ و ٢٤٠ و ٢٤٧ و ٢٥٢ و ٢٥٨ باب حدوث العالم.
(٤) انظر : « أجوبة المسائل المهنّائية » : ٨٩ ، المسألة ١٣٨.