الحديث يريد أن يقول إن شرب الخمر مثلا إذا تحقّق خطأ فوجوده الخارجي هو بمنزلة العدم وكأنّه لم يوجد ويترتّب على ذلك نفي الحرمة ونفي الحد. وبناء على هذا الاحتمال يصير حديث الرفع أشبه بحديث « لا ربا بين الوالد وولده » فكما أنّ حديث لا ربا ينزل وجود الربا بين الوالد وولده بمنزلة العدم كذلك حديث الرفع ينزل الفعل الصادر خطأ أو نسيانا منزلة العدم.
هذه هي الاحتمالات الثلاثة في المقصود من رفع الخطأ وأخواته.
٢ ـ وحديث الرفع سواء فسّرناه على ضوء الاحتمال الأوّل أم الاحتمال الثاني أو الثالث هو حاكم على أدلة الأحكام الأوّلية لأنّه على جميع هذه الاحتمالات الثلاثة ناظر إلى أدلة الأحكام الأوّلية ويشرحها فهو ناظر إلى مثل دليل شرب الخمر حرام ليقول على الاحتمال الأوّل : إنّ شرب الخمر إذا صدر خطأ أو نسيانا فلا عقوبة عليه بناء على تقدير العقوبة ، وليقول على الاحتمال الثاني : انّ شرب الخمر إذا صدر خطأ أو نسيانا فليس موضوعا للحرمة ، وليقول على الاحتمال الثالث : إنّ شرب الخمر إذا صدر خطأ أو نسيانا فهو بمنزلة العدم.
وقد تسأل إنّ حديث الرفع إذا كان حاكما على أدلّة الأحكام الأوّلية فهل هو ناظر إلى الموضوع في أدلّة الأحكام الأوليّة أو إلى المحمول فيها؟
والجواب : انّه على الاحتمالين الأوّلين يكون ناظرا إلى الحكم والمحمول (١) بينما على الاحتمال الثالث يكون ناظرا إلى الموضوع.
أمّا أنّه على الاحتمال الثالث يكون ناظرا إلى الموضوع فلأنّه على الاحتمال
__________________
(١) الحكم والمحمول شيء واحد فإن كل حكم هو محمول على موضوع القضية