نافيا للحكم بصورة مباشرة بل بشكل غير مباشر ؛ إذ هو ينفي الحكم ولكن لا بلسان نفي الحكم بل بلسان نفي الموضوع فهو ينفي الموضوع ويريد بذلك نفي الحكم حيث إنّ ثبوت الموضوع في عالم التشريع هو عبارة اخرى عن ثبوت الحكم ونفي ثبوت الموضوع في عالم التشريع هو عبارة اخرى عن نفي الحكم.
وحديث الرفع بناء على هذا الاحتمال الثاني هو أشبه بحديث لا رهبانية في الإسلام ، فكما أنّ حديث لا رهبانيّة ينفي وقوع الرهبنة موضوعا في عالم التشريع ومقصوده الحقيقي نفي استحبابها كذلك حديث الرفع ينفي وقوع شرب الخمر الصادر خطأ موضوعا في عالم التشريع ومقصوده الحقيقي نفي الحرمة.
٣ ـ وبعد أن عرفنا أنّ الاحتمالات في حديث الرفع ثلاثة علينا الآن أن نعرف أنّ أي واحد من هذه الاحتمالات هو الأرجح؟
أمّا الاحتمال الأوّل ـ وهو تقدير كلمة مؤاخذة أو حكم ـ فهو بعيد لأنّه بحاجة إلى تقدير والأصل عدم التقدير ، ومعه فيكون الراجح هو أحد الاحتمالين الآخرين.
وقد تقول إنّه لا رجحان للاحتمالين الآخرين على الاحتمال الأوّل إذ كما أنّ الاحتمال الأوّل يحتاج إلى عناية ـ وهي عناية التقدير ـ كذلك الاحتمالان الأخيران هما بحاجة إلى عناية ولكنّها غير عناية التقدير ، وتلك العناية وهي كون الحديث ناظرا إلى عالم التشريع فإنّ توجيه نظر الحديث إلى عالم التشريع عناية أيضا ؛ إذ ظاهر الحديث كونه ناظرا إلى عالم الخارج ، وحمله على خلاف ذلك ـ بمعنى حمله على النظر لعالم التشريع ـ حمل له على خلاف ظاهره فيكون عناية أيضا.