وهكذا الاحتمال الثالث يحتاج إلى عناية أيضا فإنّ الاحتمال الثالث وإن كان يحافظ على ظهور الحديث في النظر إلى عالم الخارج ولكن حمل النفي الخارجي على النفي التنزيلي حمل على خلاف الظاهر فيكون عناية.
والجواب : انّ حمل نظر الحديث إلى عالم التشريع أو إلى الرفع التنزيلي وإن كان حملا على خلاف الظاهر فيكون عناية إلاّ أنّ هذه العناية توجد قرينة تساعد عليها ، بخلاف الاحتمال الأوّل فإنّ العناية التي يستدعيها لا توجد قرينة تساعد عليها.
وتلك القرينة هي أنّه لو لم يحمل نظر الحديث إلى عالم التشريع بل أبقي ناظرا إلى عالم الخارج فلازمه أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يحكي لنا ما هو ثابت خارجا وكأنّه يقول إنّه خارجا لا يوجد خطأ ولا نسيان ولا ... وواضح أنّ هذا باطل لأنّ ظاهر الحديث حينما يقول رفع عن امّتي ... أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد التكلّم بما هو نبي ومشرّع ولا يريد التكلّم بما هو إنسان عادي يخبر عمّا هو واقع خارجا ، فظهور الحديث في التكلّم بما هو شارع يريد إنشاء الأحكام دون الأخبار عمّا وقع خارجا قرينة تساعد على الاحتمال الثاني.
ونفس الشيء نقوله بالنسبة إلى الاحتمال الثالث فإنّه وإن كان مستلزما للعناية إلاّ أنّها عناية تساعد عليها القرينة فإنّ الحديث إذا كان ناظرا إلى رفع الخطأ والنسيان رفعا خارجيا بلا تنزيل ما هو موجود خارجا منزلة العدم فلازمه أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يخبر عمّا هو في الخارج ، وواضح أنّ ظاهر الحديث أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حينما تكلّم فقد تكلّم بما هو مشرّع ومنشأ للأحكام لا بما هو مخبر وقصّاص لما هو حادث في الخارج.