وباختصار : انّ الاحتمالين الأخيرين وإن كانا يستلزمان عناية إلاّ أنّها عناية تساعد عليها القرينة بخلافه على الاحتمال الأوّل فإنّ العناية التي يستدعيها لا تساعد عليها قرينة فإنّ تقدير كلمة محذوفة عناية مخالفة للظاهر حتّى في كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الصادر منه بما هو مشرّع ومنشأ.
وبعد أن عرفنا أنّ الاحتمال الأوّل احتمال بعيد وأنّ الاحتمال الراجح هو أحد الأخيرين نأتي الآن لإجراء موازنة بين نفس الاحتمالين الأخيرين لنرى أن أيّهما هو الأرجح؟
والظاهر أنّ الأرجح هو الاحتمال الثاني ؛ إذ الاحتمال الثالث لا يمكن أن يتمّ في جميع الموارد المذكورة في الحديث ، فمثلا لو فرض أنّ المكلّف لم يطق الصوم فتركه بسبب عدم الإطاقة ، في مثل هذه الحالة لا يمكن تطبيق حديث الرفع بناء على الاحتمال الثالث ، فإنّ الاحتمال الثالث ينزّل ما هو موجود خارجا منزلة العدم ـ فشرب الخمر الصادر خطأ شيء موجود خارجا والحديث ينزّله منزلة العدم بناء على الاحتمال الثالث ـ وواضح في حالة ترك المكلّف للصوم بسبب عدم إطاقته له لا يوجد شيء خارجا لينزل منزلة العدم.
وهذا بخلافه على الاحتمال الأوّل والثاني فإنّ حديث الرفع يمكن تطبيقه في هذا المثال ، فعلى الاحتمال الأوّل ترفع المؤاخذة على ترك الصوم ، وعلى الاحتمال الثاني ينفى وقوع ترك الصوم موضوعا للحرمة في عالم التشريع.
٤ ـ وبعد أن عرفنا الاحتمالات الثلاثة في حديث الرفع وعرفنا الراجح منها نأتي الآن للاطلاع على الثمرة المترتبة على الاحتمالات المذكورة. وفي هذا المجال نذكر ثمرتين هما : ـ